ثم تكون المشكلة الأساسية، وهي زعزعة الحب في قلوب الأزواج، وفي هذه المشكلة يتحدث الدكتور على لسان مادلين حديث الخبير بدقائق هذه الشئون، فيرينا أن عاطفة الحب تحتاج إلى رعاية موصولة، وأن المرأة قد تفقد قلب زوجها حين تُشغل عنه بشاغل شريف مثل تربيب الأبناء
وأقول: إن لهذه المشكلة جوانب مختلفة، فالذرية قد تقوّي الحب بين الزوجين، وربما جاز القول بأنها تخلِّد ذلك الحب، ولكن على شرط أن يَسلم الزوج من الفتن الخارجية، وهي فتن لم ينج منها زوج مادلين
والحق كل الحق أن المرأة لا تُشغل عن زوجها بشيء، وهي لا تحب أطفالها إلا لأنهم مظهر الصلة بالزوج، فإذا استطاعوا أن يصدوها عنه بسببٍ قريب أو بعيد، فهم لها أعداء
أما بعد، فلقصة (الحب الضائع) ذيول يضيق عنها هذا الحديث، وسيلّم بها القارئ في أناة وهدوء، فيدرك مقاصدها الصحاح، ومن المؤكد أنه سيعترف بقيمة هذه القصة من الناحية الأساسية، وهي تجسيم العُقد النفسية، وقد تكون هذه القصة فاتحة لفن جديد في أدب الدكتور طه حسين
فإن لم يكن بدٌّ من توجيه بعض المؤاخذات إلى المؤلف، فأنا أوجه إليه مؤاخذتين اثنتين: الأولى لفظية والثانية معنوية:
أما المؤاخذة الأولى، فأمرها هيّن، وهي الخطأ في بعض الأفعال، والتكلف في بعض التعابير؛ فهو قد استعمل الفعل (آويت إلى. . .) مرات كثيرة بهذه الصورة، وذلك يشهد بأنه ليس غلطة مطبعية، وإنما هو خطأ وقع فيه المؤلف؛ والصواب (أويت)، لأنه مجرد لا مزيد. . . وهو قد أكثر من عبارة (هاأنا هذه)، وهي عبارة ثقيلة لا تستحق غير الموت
أما المؤاخذة الثانية، فهي خطيرة، ولكن كيف؟
قصة (الحب الضائع) تسير في الطريق الذي يسميه الفرنسيون فهي قصة تشرح نظرية أو نظريات، والمؤلف نفسه حدثنا أن راوية الحديث ديكارتية العقل، فهل كان الأمر كذلك؟
الدكتور طه هو المنشئ الأول، فهو المسئول عن خطأ مادلين في التشريح والتعليل، ومادلين تنظر إلى المشكلات من جانب واحد، مع أن لكل مشكلة جوانب