للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن المساجلات التي نُبهت إليها كلمة لأديب يكتب في (الثقافة) بتوقيع (محمد مندور) قال فيها عني في صدد الكلام على أبي العلاء ورسالة الغفران:

(. . . والعقاد يبدأ فيؤكد - فيما يعلم - أن فكرة أبي العلاء في هذه الرحلة إلى العالم الآخر لم يسبقه إليها أحد غير لوسيان في محاوراته في الأولمب والهاوية. وهذا قول عجيب يدخل في سلسلة تأكيدات الأستاذ العقاد التي لا حصر لها في كل ما كتب، والتي كثيراً ما تدهشنا لجراءتها؛ ففكرة الرحلة إلى العالم الآخر قديمة قدم الإنسانية، عرفها اليونان قبل لوسيان، وعرفها العرب قبل أبي العلاء)

لا يا شيخ!

العالم الأخر قديم قبل لوسيان، والجنة والنار قديمتان قبل أبي العلاء!

سبحان الله! كنا نظن غير هذا. . . كنا نظن أن الجنة والنار خلقتا بعد المعري بثلاث أربع سنوات! وأن لوسيان ظهر على الأرض فظهر معه الجحيم السفلي الذي تحدث به اليونان

أما وصاحبنا المدهوش من جرأتنا يؤكد لنا أن الأمر على غير ذلك فلنرجع إذن عن توكيداتنا الجريئة، ولنعلن التوبة بين يديه لنقول له: صحيح. صحيح والله. . . الجنة والنار كانتا معروفتين قبل أبي العلاء، والعالم السفلي كان معروفاً قبل لوسيان. . . ولندن. . . لندن نعم لأجل خاطرك كانت موجودة قبل رحلات المسافرين إليها، وكذلك والله باريس، وكذلك والله القاهرة، وكذلك والله الهند والصين وبلاد تركب الأفيال، أو بلاد تمشي على الأرض ولا تركب حتى النعال

أفادك الله يا مولانا الذي يتربع على الكرسي العريض لينكر على المساكين من أمثالنا توكيداتهم الجريئة ويعلمهم كيف تكون التوكيدات من آخر طراز

وأي توكيدات؟

توكيداته التي لا جرأة فيها هي أننا نحن المساكين، أو أن أحداً من خلق الله أجمعين، يجهل أن أبا العلاء قد تكلم عن شيء معروف حين تكلم عن الجنة والنار، وأن لوسيان لم يكن أول من سمع بالعالم السفلي بين قدماء اليونان

فنحن بعد الاستئذان في قليل من الجرأة التي يدهش لها صاحبنا نجترئ مرة أخرى فنقول له إننا لم نجهل معرفة الناس بالجنة والنار وهبوط الملائكة وصعود الشياطين قبل أبي

<<  <  ج:
ص:  >  >>