فتعود، ولكنها لا تطيق مقام الخيانة بين الزوجين فتحتال هي وعاشقها على اللقاء في مزار معهود. ويكبر على ضمير الرجل إثم الخيانة فيسوغه بالفلسفة التي يراها خيراً له من مصارحة نفسه بخيانة زوجة تخلص له ولا تفكر في غير الإخلاص ولو على سبيل القصاص. أما الفلسفة التي أهتدي إليها، فهي القول بتعدد الزوجات واستطاعة القلب أن يوفق بين حب اثنتين في كثير من الأوقات، أو كما قال الدفتر الذي تكتبه الزوجة لنفسها ونعلم منه وقائع القصة مروية بلسانها حيث تقول:(. . . كما نسمر في بيتنا كما تعودنا أن نفعل مع جماعة من الأصدقاء الذين تعرفينهم، وكنا نتجاذب الحوار في موضوعات مختلفة كما تعودنا أن نفعل، فانتهينا إلى الحب وانتهينا إلى الوفاء، وأفضنا في ذلك حتى عرض مكسيم لعادة تقرها بعض الجماعات المتحضرة: عادة تعدد الزوجات، وإذا مكسيم يدافع عن هذه العادة دفاعاً حاراً ويذود عنها ذياداً عنيفاُ، وأنا أسمع ذلك ضاحكة منه أول الأمر، ثم منكرة للغلو فيه، ثم دهشة لهذه الحماسة التي يظهرها مكسيم، ثم منتبهة لما كان يرد به فيليب من ألفاظ لا تخلو من تلميح وتعريض، ثم نتفرق وقد وقر في نفسي من هذا الحوار شيء لم يخل من تنغيص لما كان بيني وبين مكسيم من صفو. . .)
هرب الرجل من ألم الضمير إلى الفلسفة كما يفعل الرجال في معظم الأحوال.
أما المرأة، فقد هربت من ألم القلب إلى ملاذ آخر لعله أهون عليها من فلسفة الرجال، وهو الموت!
نعلم ذلك من الأسطر الأربعة التي هي كل ما نبأنا بها المؤلف بلسانه بعد ختام الدفتر على نحو من الاقتضاب كأنما هو اقتضاب القطع بالسكين. . . (وأصبح الناس ذات يوم وقد قرءوا في صحف الإقليم نعي سيدتين أهدت كل واحدة منهما نفسها إلى الموت، وجعل الناس في المدينة إذا لقي بعضهم بعضاً يلمون بهذا النبأ ويقول بعضهم لبعض: يا عجباً! كأنما كانت على ميعاد!)
هنا مظهر الطيبة القوية كلها أو مظهر القوة الطيبة كلها فهنا صدمة طاغية تودي بحياتين ويوشك أن تودي بثالثة، أو هي قد أودت فعلاً بما هو مساك تلك الحياة وهو الاطمئنان وسكينة الضمير
تمت هذه الخاتمة القاصمة دون أن تنفرج الشفاه بكلمة واحدة تبعثر آلام الصدور في آذان