الصديق الحق هو الذي يستطيع أن يغزو قلبك بأشعة روحانية توحي إليك أنه أنيسك في النعماء، وحليفك في الضراء، وأن وداده الصحيح هو القبس الذي تستضيء به عند اعتكار الظلمات
الصديق الحق هو الذي يدرك بوضوح أن الصداقة تفرض عليه أن يكون سنادك في جميع الأحايين، وأن يؤاخي من آخاك ويعادي من عاداك، ولو كنت على ضلال. وهل يستطيع الصديق أن يرى في صديقه غير كرائم المناقب وروائع الخصال!
ليس بصديق من يرى عيوبك، أو يسمع فيك أقوال مبغضيك. وليس بصديق من يجوز عنده أنك واحد من الناس يقترب إليه باسم الصداقة، ويبتعد عنه باسم العقل. وليس بصديق من لا يراك في جميع أحوالك أشرف الرجال
إن استباح الصديق أن يتعقب صديقه بالملام، في جد أو في مزاح، فهو عدو يلبس ثوب الصديق
قال الرسول عليه السلام:(أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)
وقد أوَّل قومٌ هذا الحديث فقالوا إن نصر الأخ الظالم هو نهيه عن الظلم
وأقول إن هذا الحديث الشريف يرمى إلى غاية لم يفطن إليها أولئك المؤولون، وهو عندي دعوة إلى العصبية الأخوَّية، وهي الغاية في شرف الإخاء، وتلك العصبية توجب أن نكون في صفوف الإخوان ولو كانوا ظالمين، لأن الوداد الصحيح هو الاشتراك الوثيق في المحاسن والعيوب
أقول هذا وأنا أعلم أن في خلق الله من يثور على هفوات صديقه ليتسم بالنزاهة والعدل، ولو عقل لأدرك أن مؤاخذة الصديق - ولو بحق - هي أقبح ألوان الظلم والجور والإجحاف
مداخل الشيطان
إن جاريت العقائد الدينية فالشيطان مخلوق يوسوس لك بلا انقطاع ليضلك عن سواء السبيل. وإن جاريت المذاهب الفلسفية فالشيطان هو هواك، وأنت بين هذين الفرضين مسئول عن مقاومة هذا الهوى أو ذلك المخلوق، لأنه في حاليْة مشئوم مشئوم