أخرى من الأشعار المنسوبة إلى علي؛ ولكننا نستطيع أن نقول واثقين: إن هذه الأشعار التي وجدناه هي معظم ما في هذه المراجع من الشعر المنسوب إلى علي، وهي تكفينا على كل حال في هذا البحث
٣ - هذه الأشعار مما يمكن صدوره عن علي وفي عصر
علي
هي مما يمكن أن يصدر عن علي، لأنها تشف عن شخصيته وتصور ما ألم به من الأحداث. فأنت إذا قرأت البيتين المذكورين له في عيون الأخبار طالعتك صورة الحكيم المجرب الذي يرى أن صداقة الصديق لا تكون إلا إذا حزن لحزنك وبكى لبكائك ووجم لوجومك ومن ينكر أن علياً كان حكيماً مجرباً؟ وكذلك إذا قرأت البيت المذكور له في ديوان الحماسة طالعتك صورة العاقل الذي يرى ألا فرار من الموت في أية حال من الأحوال، ومن ينكر أن علياً كان عاقلاً؟
وأنت إذا قرأت الرجز المذكور له في مقاتل الطالبين، والأبيات الستة المذكورة له في ديوان الحماسة، طالعتك صورة الشجاع المغوار الذي يعمل جاهداً في نشر الإسلام بالسيف بعد أن لم تُجدِ الحجة؛ ومن ينكر أن علياً كان شجاعاً مغواراً؟
وإذا قرأت الأبيات الخمسة المذكورة له في معجم الأدباء، طالعتك صورة صاحب الحق يدلِّل على ما له من حق، وكذلك كان علي طيلة حياته، فقد كان يشعر بمقر هذا ويألم لإغضاء أبي بكر وعمر وعثمان عنه ثم لتنكر معاوية آخر الأمر له.
فهذه الأبيات كلها تشف عن شخصيته، وتصور نوازعه وخوالجه وروحه. ثم إنك إذا قرأت سائر الأبيات وجدت فيها صوراً من الأحداث التي ألمت به؛ فالبيتان المشهوران المذكوران له في معجم الأدباء يصوران رغبة قريش في قتاله وقتله، تلك الرغبة التي ظهرت في سير طلحة والزبير وعائشة إليه ووقوع وقعة الجمل بعد ذلك. والرجز المذكور في الكامل على قِصَره يعطينا صورة عن خروج الخوارج عليه واعتقادهم كفره ثم استتابتهم إياه. والأبيات التي قالها في صفين تصور هذه الواقعة أجمل تصوير وأقواه
فأنت ترى إذن أن هذه الأبيات التي وجدناها له مما يمكن صدوره منه لأنها تصور