على الظفر بحاجتها من الورق، لتنهض الحجة على أن متاعب هذه الأيام لا تُنسي الحكومة واجبها في رعاية الأذواق والعقول؟
سأنظر كيف يجيب وزير التموين، إن تفضل بالجواب؟
خطر العلانية على الأدب الصحيح
من الآفات التي تعوق الأدب في هذا العصر أن الكتاب والشعراء لا يصبرون على طيّ ما يكتبون وما ينظمون، وإنما يبادرون إلى النشر في الجرائد والمجلات، ثم تكون النتيجة أن يُضطروا إلى مراعاة الجماهير في أكثر الشؤون، فيخلو أدبهم من الصراحة، ويغلب عليهم ما يُشبه الرياء من أمراض الكتمان
أهمَ المصاعب التي يعانيها الأدب أنه صار من الوسائل الشريفة لكسب الرزق الحلال، ومن الخير للأدب أنْ صار كذلك، ليعرف من لم يكن يعرف أن القلم نعمة من النعم السوابغ، وأنه خليقٌ بأن يفتح لحامليه كرائم الآفاق
ولكن من الشر للأدب أنْ صار كذلك، فقد أصبح أهله أسارى للمجتمع من قُرب أو من بُعد، وأصبح من المحتوم أن يراعوا طوائف من الرقباء، بغض النظر عن الرقيب الذي تفرضه أيام الحرب، لأنهٌ رقيب لطيف، لا يثور إلا في أندر الأحايين؛ وأنا بهذا الكلام أترضَّاه ليتغافل عني تغافل الكرماء قصَّر الله عُمر الحرب لأشفي غليلي من ذلك الرقيب اللطيف!!
الرقباء الحقيقيون هم القرَّاء، ومداراة القارئ مرضٌ قديم في الصحافة المصرية، وتلك المداراة هي علة العلل في جسم الأدب الحديث، ونحن نحارب هذه العلة بلا هوادة، ولكن في حدود يغلب فيها الترفق، ومعنى ذلك أننا شجعان جبناء، والعياذ بالذوق!
تلك الدنانير التي يجود بها الأدب على أصحابه ستَحرم الأدب أعظم صفاته من الصراحة والصدق، وقد تورثه عقابيل يعز منها الشفاء
وهنالك علةٌ أخطر وأفظع، هي علة الأديب الموظف: فالعُرف في الشرق لا يعترف بتعدد الشخصيات للرجل الواحد، ولا يسوغ في ذهن هذا العُرف البليد أن يكون للرجل شخصية حين يباشر عمله الرسمي في الديوان، وشخصيات حين يخلو إلى القلم، إن كان من رجال البيان
وأعجب العجب أن يرائي هذا العُرف نفسه بلا تأثّم ولا تحرّج، فهو يشتهي أن تكون في