للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الدنيا أقلام تحدثه عن سرائره المطوية، وهو مع ذلك يكره أن يكون هذا الفضل من نصيب هذا الكاتب أو ذاك، وذلك عُرف الجمهور الذي نداريه كارهين، ولم يبق من البلايا إلا أن نتقي شر من نخدمهم بنزاهة وإخلاص. . . وعند الله، عند الله وحده الجزاء!

أقول هذا وقد مزَّقت خمسة أحاديث قبل هذا الحديث، فقد تحدثت فيها عن أشياء لا يجوز نشرها في هذا الوقت، وإن كانت في الصميم من دخائل النفس الإنسانية؛ فقد يقول عاقلٌ أو جاهل: إننا في أيام لا تتسع للحديث عن سرائر النفس كأن الضمير الأدبي يخضع لظرف الزمان وظرف المكان، وكأن العبقرية الروحية تعرف الرسوم والحدود، وكأن مخاطر الحرب ومتاعب البؤس ومصاعب التموين تصد الروح الظامئ عن هواه في ورود ينابيع الوجود

أبن الأمة العربية؟

عند الأمم الأوربية تقليد أدبية تستأهل التسجيل، فهنالك يؤمن الكاتب بأمته فيؤلف كتاباً في مئات أو ألوف من الصفحات ليُنشر بعد موته بأعوام طوال

فما معنى ذلك؟

معناه أن الكاتب يثق بأن الضمير الأدبي في بلاده سيعيش ويعيش إلى أن ينصفه من زمانه ولو بعد حين

ومعناه أن الكاتب يؤمن بالخلود

ومعناه أن الكاتب يشعر بنائرة الحقد بعد أن يموت

ومعناه أيضاً أن الكاتب يعرف كيف ينتقم وهو في غيابة الفناء، أو حصانة البقاء

فأين الأمة العربية لنودعها دفائن صدورنا منى أبناء هذا الزمان؟

وأين من يفتش في دفاترنا بعد الموت، ليرى ما سطرناه في أخلاق هذا الجيل؟

جهادنا في خدمة القلم أضيع من الضياع، ولولا الإيمان بأننا نؤدي خدمة قومية لقصفنا القلم بلا رحمة ولا إشفاق

وعند الله، عند الله وحده الجزاء

خطاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>