الهجرة الخاص) في (مشكلة الفقر وعلاجه)، وكيف أسرع وكتب في (مشكلة الرغيف)، وكيف كان أول من كتب في الانتخابات وصورها تصويراً رائعاً. . .؟!
قال: و (آدم) و (حواء) يا والدي. . . إنها لأروع صورة لحيوية الفكرة المنطلقة التي لا تتقيد بشيء إلا بالحقيقة والضمير الحي. . . (آدم) و (حواء): بحث نابض بالحيوية، بل هو أعظم ما كتب الدكتور مبارك، فقد كانت الفكرة فيه تخرج في ثوب من الإيمان بالرأي والعقيدة، وفي لون من الفن الرائع لست أغالي إذا قلت إنه منقطع النظير في آداب العربية. . . وقرأتها لأول مرة، فابتسمت وقلت: إن الدكتور سيفترع فنٍّا جديداً يسد نقصاً كبيراً في أدبنا. . . وإني لأقول في صراحة إنني كنت أعتقد أن صاحب هذه الأفكار لا بد أن يكون من أبناء هذا الزمان، ولا بد أن يكون قرأ - على الأقل - فلسفة القرن التاسع عشر، ولا بد أن يكون في مثل حيوية دكتورنا المبارك، وليس في مثل حيوية (شيث)!
وإني لأذكر للدكتور المبارك أني جزعت كل الجزع عندما قرأت (ينبوع حلوان)! فقد أدركت منه ما لم يدركه غيري، وأحسست أن الفكرة التي انطلقت من الأرض قد قيِّدت!!
قلت: والحيوية في الشعر يا بني أن يكون في الشعر تجويد في اللفظ والمعنى. فإن ما يصدر عن الشاعر الموهوب العظيم لا بد أن يترك في النفوس آثاراً عظيمة، وما يصدر عن الشاعر الماجن الواهن الضعيف النفس، المستهتر بالملاهي، لا بد أن يحمل في طياته عناصر فنائه، وإن أغتر به صاحبه، وتناقلته أفواه الرواة الماجنين. إن النفس لتطرب بالنثر البليغ فهي بالشعر الجيد أشد طرباً. ولقوة الشاعرية، وغزارة المادة، وسعة الثقافة، وسلامة المنطق، أثر بعيد الغور في سلامة تفكير الشاعر، وجنوحه إلى الأسلوب المنطقي، وسوق القضايا في مساق الاستدلال كلما زاول معنى من المعاني، فهو لا يكتفي باللمحة العجلى يرسلها على المعنى فيجيء غامضاً فاتراً، أو يصل إلى النفوس قلقاً مضطرباً. فإذا قرأت للشاعر الحي شعراً رأيت لوناً واضحاً من الفكرة يسود القصيدة كلها، أو ينصّب على كل معنى من معانيها
قال: ما ظنك (بأرواح وأشباح) للأستاذ علي محمود طه. . . إنها لصورة لسعة الثقافة، وغزارة المادة، وسلامة المنطق والتغلغل في أسرار المعاني، افتن فيها الشاعر فجاءت فتنة، تصور الوجد اللاعج، والجوى المستعر، وانطلاق الشهوات من قيودها، وعبثها