للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- ومنذ الليلة؟

- منذ الليلة عرفت نعيم السماء بعد ما عرفت في الخصيب نعيم الأرض

- إذن ستحبني؟؟

- نعم ولو خيرت ما اخترت

- وستنسب بي في شعرك؟

- نعم ولو كره الخليفة

- أذن اصحبني إلى دمشق فامدح الخليفة. وسأرفدك لديه واقوي أمرك عنده

- ٥ -

وعلى نهر بردى وفي القصر المشيد زكت شجرة الحب حتى عرشت على كل حائط؛ وسطعت فوحتها في كل انف، وتهدلت أغصانها المزهرة على سرير الخليفة، ودنت قطوفها المجرمة من فم المجنون وليلاه؛ فاكلت منها حواء وجرت إلى الخطيئة آدم! وآدم دائماً هو الذي يكفر عن الخطيئة!!

ظل وضاح ابن الطبيعة الطليقة سجيناً في الخليفة قصر لا يبصر سماء ولا أرضاً، ولا يرى غديراً ولا روضاً، ولا يسمع حركة ولا صوتا ,. ولا يشعر بمجرى الحياة إلا حينما تخرجه الملكة من مخبئة ساعة يغفل الرقيب وتغفو العين المريبة. فتطارحه أحاديث الغزل. وتسقيه من سلاف الهوى عللا بعد نهل. ثم ترده عند الخوف إلى مأمنه.

ومضت على تلك الحال حقبة من الدهر ورفت عليهما ظلال الأمن فيها. ولكن وجه الجريمة وقاح لابد من سفوره. وريحها ذفر مهما كتمته فلا مناص من ظهوره. والخطيئة لا يطهرها إلا عقوبة أو ضحية!

فأهدى إلى الخليفة ذات يوم جوهر نفيس فراقه حسنه. وأحب أن يطرف به الملكة. فبعث به إليها مع خادم له ومعه كلمة رقيقة. فمضى الغلام بالتحفة إلى مجلس الملكة فلم يجدها، وعلم أنها في بعض الغرف فدخلها عليها مفاجأة، وكانت قد أحست بخطاه دون الباب فبادرت إلى إخفاء وضاح فأدخلته في صندوق وأغلقته. وحينئذ دخل الغلام فرأى أواخر جسمه تغيب تحت الغطاء. فأدى إلى الملكة الرسالة ودفع إليها الجوهر، ثم قال لها بلهجة الخبيث الماكر: ألا تهبين لعبدك يا مولاتي حجرا من هذا الجوهر؟ فأجابته الملكة بلهجة

<<  <  ج:
ص:  >  >>