- يسمعنا قرآنه فنقيس على الآيات مثلها، ونصب في القوالب ما يملؤها،
- كيف والعرب صيارف كلام، يقلبون الكلمة ويحكونها كالدينار لا يخدعهم وشمها، أو يخطف بصرهم وسمها
- اجتهد أن تكن مزيفاً ماهراً، فهذا ما لابد منه مادمت تصر على رأيك.
- نعم لابد من صنعاء، ولكن ألا ينفعنا في سبيل آخر، فنلقي إليه أن يزعم أن محمداً أخبره بأني شريكه في رسالته، وقد بعثه إلي بذلك النبأ.
- نعم ما رأيت، وأظن أن الإبل والشاء كفيلة بأن تركبه الصعبة وهو الذلول كما أعلمتك.
اجتمع نفر من بني حنيفة في ساحة من القرية تحن شجرة ليستروحوا بفيئها ساعة الهجير، وهم أخلاط في أسنانهم ونزعاتهم، ابتدأ أحدهم يقول:
- بالأمس قدم رسول محمد فأعلن على رؤوس الأشهاد أن مسيلمة شريكه في رسالته - فهنيئاً لليمامة بصاحبها.
آخر - الآن لزمته الحجة، فتثاءب شيخ من الجلوس وقال:
وما يدريكم أن الرجل رسول محمد، وأنه أرسله لذلك الشأن، وكيف جاء اليوم وقد ظهر أمر محمد من سنين، أبعد ما جاهد وكابد، وصار له النقض والإبرام، يعلن شركة مسيلمة؟ فهل كان الأمر والخطوب به مكتنفة، والأعداء له متربصة، فيستعين بشريكه، ويحمله نصيبه في جهاده. ما أحسب ذلك إلا خدعة.
فدارت عيون القوم وقد انبسط فريق منهم لهذا الكلام الذي أجلى المبهم فكان كالبرق في الظلمات وانقبض آخرون. ولكن الشيخ أخذ يقول:
وما ذلكم الكلام الذي ينحله الله؟ أأعجبكم قوله في الضفدع:
(يا ضفدع بنت ضفدعين. نقي ما تنقين، نصفك في الماء ونصفك في الطين، لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين،). أي عجيبة أبانها في الضفدع، وأي حكمة اظهرها؟ أمرها