الاقتران به أحسست بسعادة لم أكن أحلم بها. فستقولين - وأنت محقة - إن هذه أمور لا تعنيك في شيء؛ وعليه فلنجعل الأساس المشترك بيننا سعادة والدك، فعند هذه النقطة قد يلتقي سهمانا. . .
ولو أنك فكرت في الأمر قليلاً لوجدت أن مزايا والدتك وفضائلها، هي التي لجأت أباك إلى التزوج مرة أخرى. وقد يبدو لك هذا الكلام متناقضاً أو قائماً على الوهم؛ ولكنه في الواقع ينطوي على نتيجة طبيعية يفضي إليها منطق مستقيم. فإن الزواج إذا انفصمت عروته بالموت يترك من الفراغ والوحشة بقدر ما حقق من سعادة ونعيم. . .
وأنت - نفسك - لن تستطيعي الادعاء بأن حبك لوالدك بعد وفاة أمك، قد شغل أكثر من ركن صغير، وصغير جداً، من هذا الفراغ الذي خلفته وفاتها! وكذلك الحال مع الأب، فما حبه لطفله إلا تتمة حبه لزوجه. والعلاقة بين الأب وابنته تختلف - كما وكيفاً - عن علاقة الزوج بزوجه. وأنا لست أدعي في لحظة ما أني قد ملأت هذا الفراغ تماماً؛ ولكني أردد صادقة أني اكتسبت محبة أبيك وثقته، وأني أسعدته بحبي له سعادة لم يكن لينالها - على الأقل - بغير حب المرأة. . .
وما أخالك تنكرين أنه قد اختارني بمحض إرادته؛ وليس لمجرد دافع يسير، بل لحاجة ماسة إلى تجديد هذه العلاقة الوثيقة التي افتقدتها بموت والدتك. فإذا أنت أدنتِني فقد أدنتِ أباك، وبحكمك هذا يبدو مبلغ قصورك في إدراك حقيقة الطبائع البشرية
وقد تبدو نظريتك معقولة من فتاة غير متزوجة تفيض نفسها بالوفاء الخالص والطيبة الساذجة، ولكن لن يقاسمك هذه النظرة أي رجل ممن خبر الحياة وعرفها على حقيقتها.
والآن. . . دعيني أتقدمْ بك خطوة أخرى:
لا بد لك أن تسلمي - إن عاجلاً أو آجلاً - بأن أباك هو صاحب الحق المطلق في تقدير قيمة هذا الزواج الأخير الذي ارتبط به؛ ولكنك قد تحتجين بأن هذا التسليم لن يغير شيئاً من شعورك نحوي. ولعلي لا أكون مخطئة إذا قلت إنك قد قلبت هذه المسألة من جميع وجوهها مع صديقتك (إيدنا) فرثت لحالك وأقرتك على موقفك. وإني لأستطيع - متى شئت - أن أسرد عليك كل ما دار بينكما من حديث؛ أو بالأحرى كل ما أقمته من (حجة) وعقبتْ عليه من (تأييد). وأنا واثقة من أنك قد قلت الشيء الكثير مما كنت أقوله لو كنت في مثل