هل كانت سويسرا مهد موسى أو عيسى أو محمد؟ هل نشأ فيها بوذا أو كونفشيوس؟ هل كانت ملاذ آدم حين هبط الأرض؟
لا هذا ولا ذاك، وإنما يحترم زعماء أوربا حياد سويسرا لتكون تلك الديار خزائن أمينة لما يدخرون من نفائس الأموال، فهم يتضامنون تضامن الجشع لا تضامن الوفاء
فما ضرهم لو أعفوا مصر من صيال الطيارات، لأنها الوطن الذي أنجب علم الطيران؟
ما ضرهم لو تذكروا دين مصر في أعناقهم، وهي أول أمة وضعت التقويم الشمسي، فعلمت أمم الأرض مواعيد الزرع والحصاد؟
ما ضرهم لو تذكروا أن الفلاحين الذين سخروا لحفر قناة السويس ملئوا جيوب الأوربيين بالملايين والبلايين من قطع الذهب الفتان؟
ما ضرهم لو تذكروا أننا ما بغينا عليهم، وأن الفضل يرجع إلينا في نقد علومهم وآدابهم إلى أقطار الشرق؟
ما ضرهم لو تذكروا أن اليونان الذين علموهم لم يكونوا إلا تلاميذ المصريين؟ وما ضرهم لو تذكروا أنهم لم يفكروا في تخليد عظيم من عظمائهم إلا بوحي من علم قدماء المصريين؟
سويسرا تتمتع بالحياد الدائم، لأنها مستودع ذخائرهم وكنوزهم، أما مصر فليس لها في أذهانهم غير الصور التاريخية، والويل كل الويل لمن يكتفي بمجد التاريخ!
ولكن مصر، لو عقلوا، صاحبة الفضل على أبنائهم في العصر الحديث؛ فقد أغنت منهم الألوف وألوف الألوف، والضيم المخوف على مصر لن يعفي أولئك الأبناء، ولن تصاب مصر بأعنف مما يصابون، فليجرب الأوربيون حظهم في اضطهاد هذه البلاد، ليروا أن مآلهم إلى الخسران
هل تذكرون قصة (هيس) أحد زعماء الألمان؟
كان أول من فكر في الصلح بطريقة جدية فامتطى طيارته من أرض الألمان إلى أرض البريطان، ليتفاهم مع صديق له هناك، ثم شاء الحزم الإنجليزي أن يحتاط فأوثقه بالقيود لئلا يكون في دعوته من المحتالين
فكيف نشأت فكرة الصلح عند (هيس)؟
تلك فكرة نقلها عن الروح المصري، وقد ولد في مصر، ونشأ في مصر، محوطاً بالرعاية