وأوردت ما أوردته مقابلته - أي معارضته - على ما ذكرني به. وحضرت آخر النهار المجلس في ذلك اليوم على رسمي، فعاود التقريب لي والإقبال علىَّ. ثم رحلنا عائدين إلى بغداد، فرآني الملك في الطريق وعليَ ثياب حسنة وتحتي بغلة بمركب وجناغ جواد؛ فقال لي: من أين لك هذه البغلة؟ قلت: حمَّلني عليها الصاحب أبو القاسم بمركبها وجناغها، وأعطاني عشرين قطعة ثياباً، وسبعة آلاف درهم؛ فقال: هذا قليل لك مما تستحقه عليه. فعلمت أنه أتهمني به وبأني خرجت بذلك الحديث إليه، وما كنت حدثته به
وذكر غرس النعمة بن هلال قال: حدثني بعض السادة الأصدقاء، وأنسيته وأظنه أبا طاهر محمد بن محمد الكرخي قال: كانت بنت عضد الدولة لما زفت إلى الطائع بقيت بحالها لا يقربها خوفاً أن تحمل منه فتستولي الديلم على الخلافة، وكان الطائع يحبها حباً شديداً زائداً موفياً. . . . . وتقدم عضد الدولة إلى أبي على التنوخي في أواخر أيامه بأن يمضي إلى الطائع ويطارحه يناظره. . . في المعنى. . . بأسباب يتوصل إليها وأقوال يصفها، ويومئ إلى الغرض فيها. . . رتبها عضد الدولة ولقنه إياها وفهمه
قال التنوخي بعد قدومه إلى بغداد مع عضد الدولة فحكى لي أن الطائع لله متجاف عن ابنته المنقولة إليه. . . فثقل ذلك عليه وقال لي: تمضي إلى الخليفة. . . ويعود الأمر إلى ما يستقيم به الحال ويزول معه الانقباض فقد كنت وسيط هذه المصاهرة، فقلت: السمع والطاعة. وعدت إلى داري لألبس ثياب دار الخلافة، فاتفق أن زَلِقَتْ وَوَثِئَتْ رجلي، فأنفذت إلى الملك أعرفه عذري في تأخري عن أمره فلم يقبله وأنفذ إلى منْ يستعلم خبري، فرأى الرسول لي غلماناً رَوَقَةً وفرشاً جميلاً، فعاد إليه وقال: هو متعال وليس بعليل. وشاهدته على صورة كذا وكذا والناس يغشونه ويعودونه. فاغتاظ غيظاً مجدداً حرك ما في نفسه مني أولاً، فراسلني بأن الزم بيتك ولا تخرج عنه، ولا تأذن لأحد في الدخول عليك، فيه إلا نفرا من أصدقائي استأذنت فيهم فاستثني بهم. ومضت الأيام وأنفذ إلى أبو الريان فطالبني بعشرة آلاف درهم وكنت استلفتها من إقطاعي فأديتها إليه، واستمر علىّ السخط والصرف عن الأعمال إلى حين وفاة عضد الدولة. ثم قال غرس النعمة: فقال التنوخي السمع والطاعة، ومضى إلى بيته ولمُ يقدم على الطائع، وخاف عضد الدولة إن خالف ما رسمه له، فأظهر مرضاً أصدقاؤه وعاده منه واعتذر به إلى عضد الدولة، فوقع لعضد