إذا أردت أن تمكنه من أن يتغلب على شعوره بالنقص وجب أولاً أن توضح له أنه يقدر نفسه دون ما تستحق، كما يجب أن توضح له تزمته في ملاقاة الناس ووجه خطئه في تخوفه من أن يفضل عليه أحد من الناس
وأما عن ذكريات الإنسان القديمة، فإن المرء يتذكر ما له أهمية في نفسه. ولا عبرة بأن تدل ذكريات الإنسان على نموذجه الأول الذي تقدم ذكره)، لأنها تشير إلى ما وقع من أمر هام، وإلى ما يقع على أمثاله، لأن شخصية الإنسان الأساسية لا تتغير. ويصلح هذا الموضوع للمقارنة بما اكتشف عن الإنسان بوسائط أخرى. وللحصول على الذكريات القديمة يطلب إلى الإنسان أن يرتد بذاكرته إلى حداثته وأن يتذكر من حداثته وأن يتذكر من ذلك ما يتذكره
وقد يجد المحلل صعوبة في هذا، لأن المريض قد يقول إنه لا يذكر شيئاً. ولكن الإلحاح عليه يثمر دائماً ثمرة طبية، فيذكر المريض شيئاً. إن ما يذكره الآن له أهمية لأنه يدل على وصفه الأول - الحالة التي نشأ عليها. والذاكرون من الناس يذكرون أشياء كثيرة مختلفة بالطبع، ولكن براعة المحلل تردها إلى أصول محدودة
فبعض الناس مثلاً يقول إنه يذكر أنه سمع صوت قاطرة، وبعضهم يذكر أنه أكل أكلة لذيذة، وبعضهم يذكر أشياء تتعلق بأمه وأبيه، وبعضهم يذكر حالات مرضية أصابته، وبعضهم يذكر شيئاً يتعلق بملابسه أو أنه خرب أو حرم. . . الخ فوظيفة المحلل هنا أن يرد هذه الأشياء إلى أصولها، ليجد منها شخصية المرء الأولية وليربط ذلك بشخصيته الحاضرة على اعتبار أن شخصية الإنسان لا يتغير بتقدم السن
يذكر الإنسان مثلاً من قديم ذكرياته أن أمه ضربته وعنفته حتى فر منها هارباً، وضل الطريق حتى خاف على نفسه الموت. فمثل هذه الذكرى تشير إلى عامل قوي من عوامل التخوف، لا بد وأن يكون قد دخل في تكوين شخصية الإنسان، وهذه الحالة تقرب من الواقعية، فإن صاحبها حين دخل الجامعة ليتعلم ظل خائفاً من الرسوب في الامتحانات الجامعية بالرغم من ذكائه. فلما تخرج قتل نفسه اجتهاداً في الحياة لئلا يفشل فيها، فهو يلعب في حياته من حيث الأساس دور الرجل الخائف، وهذا هو شعور النقص الأساسي في نفسه