ونموذج الحياة الأول للإنسان يظهر منه شيء في الأحلام، فالحلم عند إدلر لا يخرج عن كونه قسماً من طراز الحياة. والنموذج الأول دائماً منطو فيه. ومن هنا كانت معرفتك لإنسان مؤدية إلى معرفة نوع أحلامه، ومعظم أحلام الناس أحلام خوف، لأن النوع البشري جبان. ويحلم المرء أحلاماً مخيفة، لأنه في يقظة، دائماً يتوجس من الفشل، ويحاول أن يتخلص من الحياة بالهرب من مشاكلها. هو يبحث عما يجنبه متاعبها، هذا هدفه، والحلم يؤيد له هذا الهدف، ولا فاصل عند إدلر بين النوم واليقظة، فإن طرف أحدهما منساب في طرف الآخر، فنحن في النوم نسمع ونفكر ونحس احساسات عامة، وتستهدف أحلامنا - على العموم - هدفاً من العظمة يخلصنا مما نحس به من شعور بالنقص، ولكن في الأحلام نوعاً من التشويش أو الغش والتمويه على النفس؛ ولذلك فالذين يفكرون تفكيراً منطقياً ويواجهون حقائق الحياة لا يحلمون إلا قليلاً، أو لا يحلمون قط. إن المرء يضع أحلامه، فأحلامه تتجه في محتوياتها إلى ما يتجه هو إليه في الحياة، ومن أحلامه يتضح لك شيء من هدفه فيها
فأنت تستطيع إذن بمختلف هذه الأساليب أن تتصل بمعرفة (النموذج الأول) الذي ينشأ عليه الإنسان و (طراز الحياة) الذي يتبعه. ونستطيع من ذلك أن نعرف النقطة المركزية التي يدور عليها شعوره بالنقص، والطريقة التي يحاول أن يعوض بها عن هذا النقص. وإن النقطة المركزية على كل حال نوع من النقص. وهذا الضعف نفسه يحمل المرء رجلاً، كما حمله طفلاً على التزام جانب المجتمع والشعور بحاجته إليه.
فطريق الإصلاح الأساسي لأي إنسان أصبح شعوره بالنقص مركباً أنه يؤثر في حياته فيدفع به إلى نواح غير مفيدة، هو تعديل مركز الفرد في المجتمع وتسويته. ومرة أخرى يتلخص هذا التعديل في تحسين موقف المرء من الناس ومن مهنته ومن مسألة زواجه
ولا أقصد أن أطيل أكثر مما قد فعلت؛ فالطريقة التي يمكن أن ينشأ بها طفل لكي يكون إنساناً سوياً هي أن يعامل بعدل واحترام. ولكن الشاب الذي يتم تكوين طراز حياته على صورة معوجة يجب أن يدرس وأن تعرف مزاياه وأن يوجه نظرة إليها. فإدلر يعتقد أن (كل إنسان يصلح لكل شيء). فإذا فتحت للشاب آفاق جديدة وسوعد في التغلب على ضعفه، اندفع في الحياة من جديد. وقد عولجت عملياً حالات كثيرين من المرضى