(الجمال المثالي) تعني عند اليونان - بفرض أنهم كانوا يعرفها - (الجمال المرئي)، لأن (المثال يأتي من اليونانية وهذه تعني - في رأيه - (الصورة المرئية - ولكن دكانسي أتى بأثرين رد بهما على دافيد: أحدهما من طميادس حيث بين أفلاطون بوضوح كيف يكون الفنان الحق أعلى من الفنان العادي، والآخر من (الخطيب) حيث يشرح شيشرون كيفية عمل الفنانين العظام ممثلاً لذلك بعمل فيدياس أعظم أستاذ في أكمل عصر فني. فهو حين كان يصنع تمثالاً ما لم يضع تحت ناظريه نموذجاً معيناً يعكف على تقليده، ولكن كان يوجد في نفسه صورة أو مثالاً تام الجمال. وطريقة فيدياس هذه هي نفس طريقة رفائيل التي وصفها في خطابه إلى بقوله:(لما كان ينقصني نماذج جميلة استخدمت مثالاً معيناً صنعته بنفسي)
هناك نظرية تجعل من الوهم غاية للفن، وهي نظرية ترجع الفن إلى التقليد بطريق غير مباشر. فالجمال المثالي للنفس مثلاً هو وهم العين وخداعها، ومنتهى الفن في قطعة مسرحية هو أن تقنعك أنك أمام الواقع. وكل ما في هذا الرأي من حقيقة هو أن العمل الفني لا يكون إلا إذا كان حيا. ففي الدرامة مثلاً يجب ألا تأتي بأشباح الماضي الشاحبة، بل بشخصيات مستعارة من المخيلة أو من التاريخ، ولكنها شخصيات حية وعاطفية، تتكلم وتعمل كما يعمل الناس لا كما تعمل الأشباح. ولكننا لا يمكن أن نجعل الغاية من الفن هي الخداع والإيهام؛ فإننا لو جعلنا ممثل دور بروتس نسخة منه وألبسناه ملابسه وأعطيناه نفس الخنجر الذي طعن به بروتس قيصر، لما مس ذلك الخبراء الحقيقيين إلا مسا رفيقاً. والمغالاة في الخداع تجعل عاطفة الفن تختفي لتظهر مكانها عاطفة طبيعية صرفه، فإن كنت أتوهم أن أفيجينيا على وشك أن يذبحها أبوها على بعد عشرين خطوة مني، فإنني قد أخرج من صالة المسرح مرتعداً من الخوف
وقد يقال رداً على ذلك إن غاية الشاعر هي إثارة الشفقة والخوف مثلاً. هذا صحيح، ولكن إلى حد، وبعد ذلك يخلط بذلك عاطفة أخرى تعدَّل منهما أو تمحوهما وتكون لها غاية أخرى. فإن كان الغرض من الدرامة هو إثارة الشفقة والخوف والحزن فقط بدرجة كبيرة، فإن الفن يكون بذلك غريماً عاجزاً للطبيعة، وأي مستشفى أكبر امتلاء بالشفقة والرعب والحزن من كل مسارح العالم. ونحن حين نعجب بمنظر عاصفة أو حادثة غرق، فإن