بالأدب الأوربي هي عناية الراغب في إعزاز أدبنا العربي وتبديل فقره غنى، وسد ما في مناحيه من فجوات يشعر بها كل مطلع على الآداب العالمية. وليس لمثلي أن يزكي أدبه وإن دافع عنه، ولكني أزكي مدرسة أدبية أنا أحد أفرادها، وقد كتبت من قبل ما يغني عن الإفاضة في (الرسالة)، كما يغنيني ما ظهر حديثاً في مجلة (الإمام) للشاعر الياس قنصل، وفي صحيفة (الأهرام) للشاعر سيد قطب، عن الرد على ذلك الانتقاص المبهم الذي لن تطاوعه الشواهد مهما تلمسها ناقدي الفاضل.
ولكن قد جاء بما يحسبه شاهداً مفحماً في تعليقه العجيب على صورة (الينبوع) (ص ١٧ من الديوان). . . . ان ذلك التعليق وتلك الخطرات هي نظراتك أنت يا ناقدي العزيز، وأما أنا فلا أعرفها بل اشمئز من تعابيرك كل الاشمئزاز. أما نظراتي أنا فنظرات الفطرة السليمة المتسامية التي تأبى التصنع والشذوذ والتدلي، وتقول في صراحة:
يا جمال النور في الظل الحبيب ... يا جمال الروح في الجسم الرطيب
هذه الدنيا لأحلام الأديب ... هذه غايات آمال الأريب
أيها الينبوع كم ساع إليك ... يدعى بغضاً لما أهوى لديك
كل ما يرجوه موقوف عليك ... فإذا الإنعام منك واليك!
أنت سحر غامض للعالم ... أنت ينبوع الرجاء الدائم
أنت موسيقى الخلود الباسم ... أنت ومض للشريد الهائم!
أيها الينبوع يا رمز الأبد ... يا شعاع الله في طيف الجسد
كم معان فيك كادت لا تحد ... وعزاء عن حياة تفتقد!
إنما أرنو إليك في خشوعي ... ما ابتسامي غير لون من دموعي
أنا لحن بين أطياف الربيع ... من طيور وغدير وزروع
أنا أحيا حينما أجني رضاك ... حينما جسمي وروحي عانقاك
حينما لبيت مسحورا نداك ... فإذا بي لا أرى العيش سواك
كل همي في حياتي يستحيل ... حينما أخشع للفن الأصيل
حينما أروي من النبع النبيل ... ذاك نبع الحب في الجسم النبيل!
فإذا كان الأديب المرتيني لا يرى في هذا الشعر الطبيعة الصافية المتسامية فالذنب ليس