ذنبي، وما أراه منصفاً مهاجمة الذوق الفني لمصور (سكس ابيل) وهو من أعلام فنه، إني مصدق صاحبي في تأكيده أنه قرأ الديوان من الجلد إلى الجلد، ومع ذلك أومن بأنه لم يقرأه، وأومن كذلك بأنه في ذهنيته ونفسيته الحاضرة لا يحمل ذرة من التجارب مع شاعريتي، وإنما يؤدي به مزاجه الخاص إلى النفور منها ومن كل ما يمت إليها بصلة، ناظراً من وراء منظار أسود شاقه أن يلبسه، وإلا فبماذا يفسر تصويره لاحترامي النقد الأدبي وتشجيعي رجاله، ذلك التصوير الغريب الذي ابتدعه في قوله؛ وما عرفته (يعني كاتب هذه للسطور) وغيره من إخواننا المصريين إلا أباة على النقد يثيرون من أجله المعارك ويتسارعون بسببه إلى الخصام والنزاع. . . .؟! لقد ظهرت في الأعداد الثلاثة الأخيرة من مجلة (أبولو) تعليقاتي على نقد ديوان (الينبوع) فهل يستطيع حضرة الناقد الفاضل إذا التزم الإنصاف أن يحد فيها دليلاً واحداً يعزز دعواه هذه التي أنكرها كل الانكار؟ أما عن لغتي فمن أحسب صاحبنا في المكانة التي تسمح له بذلك النقد، وقد نقد (الينبوع) فعلا رجال ذوو بصر فني باللغة، ومنهم من تخصص فيها كالسيد مصطفى جواد، فما قالوا إلا عكس ما ذهب إليه صاحبنا.
وقد تصدى لنقد بيتين من قصيدة (دانيال في جب أسود) - ص ٥٠ من الديوان - وهي من الإسرائيليات المشهورة التي راقى تسجيلها شعراً، فجاء نقده معلنا جهله أو تجاهله لهذه القصة الدينية، وراح يلوم على ما يستحق الثناء من إيجاز أو تركيز في محله أو بساطة يدعو إليها سياق القصة، وكأنه أراد بالأقصوصة الشعرية الوجيزة أن تكون تفضيلاً خبرياً عن الحوادث لا لمحة شعرية من روح الموضوع. . . وإذا كان شعري في حكم العدم كما يريد الأديب المرتيني أن يقول، فلماذا يشغل نفسه وقراء (الرسالة) بأكثر من ثلاث صفحات نقدية وهو يعلم أن هذا الضرب من الشعر لا تعني به إلا أقلية من الأدباء. فهل صحيح أنه في حكم العدم؟!
إن الشواهد التي يسوقها النقاد هي دائما كافية لتعزيزهم أو لخذلانهم، ولذلك يتهارب النقاد العاثرون من الإتيان بالشواهد، والأديب المرتيني كان بعيداً جداً عن التوفيق فيما ذكره من شواهد من غير تفتيش أو تنقيب على ما يقول. . . وحسب القارئ أن ينظر في هذه الأبيات من قصيدة (العودة)(ص ٣٠ من ديوان الينبوع) وقد وجهتها إلى الدكتور زكي