(فكثيرة العشاق) وصف لمصر قيد في المكابدة والملاقاة؛ كما يمكن حملها على أنها منصوبة بعامل مقدر مناسب للمقام، وقد يقع مثل ذلك للمدح (كما هنا) وللدم أو الترحم أحياناً. وإذا فلا موجب لتصويب البيت بالصورة التي رآها الأستاذ الظريفي بعد ما استقر في النفوس وتنقلت روعته في قلوب الأدباء جيلاً بعد جيل
وبعد، فقد أغفل الأستاذ بيت أبي الطيب (وكم ذا بمصر من المضحكات. . .) وقد أصبح شطراً ذا خطر في موضوع البحث، ولا أدري أهو مُسلَّم به، وإذاً ففيم قوله: إن الردود لم تنه الموضوع؟ أم هو لا يزال منه في ريب وإذا فما رأيه؟ على أني أعود فأقول: إن أبا الطيب جارٍ في بيته على عرف أهل الكوفة الذين أجازوا زيادة الأسماء ومنها (ذا) وجوزوا وقوع أسماء الإشارة أسماء موصولة ومنها موضوع النزاع. وفيم العجب والرجل واسع الثقافة متأثر بآراء مدرسة الكوفة، ثم هو بعد من دعائم الشعر ومفاخر العروبة؟!
غفر الله لك يا أبا الطيب؛ طالما عَنَّيْتَ حُسَّادك وأنصارك! وكأني بروحك اليوم تطل على هذا الخلاف، ثم تبتسم وتومئ إلى قولك الخالد:
أنام ملء جفوني عن شواردها ... وتسهر الخلق جرَّاها وتختصم
(المنصورة)
محمود البشبيشي
حول الردف والسناد
ردّاً على كلمة الأديب الفاضل أحمد يونس محمد أقول: إن علماء العروض نصوا حقيقةً على أن الردف هو حرف مدٍّ قبل الروي؛ وعليه فتكون الياء في مثل: سريرتي والخميلة، ليست من قبيل الردف، لعدم وقوعها قبل حرف الروي مباشرة. . . ولكني أضيف إلى هذا أن الشعراء قد أجمعوا من قديم على التزام مثل هذه الياء - إذا وردت - في سائر الأبيات، حتى لتوهموها من الردف وأضافوها إليه؛ هم محقون في ذلك، لأنها لا تستساغ في الواقع إلا ملتزمة مع سائر الأبيات. . .
وقد بلغ من إجماعهم على اعتبارها ردفاً، واحترازهم من الوقوع في (سناد الردف) بإهمال التزامها، أن نص ابن رشيق على هذه الشبهة في كتابه (لعمدة)؛ فقال في باب القوافي (ص