على ما أعتقد، بالحديث الديني. وتُحَي أكثر الحفلات عند الطبقتين الوسطى والعليا في القاهرة بتلاوة (خاتمة) أو إقامة (ذكر). وقلما يجرؤ أحدهم على التصريح بتفضيل الموسيقى على الخاتمة أو الذكر اللذين لا جرم يبتهجون بهما. والحق أن الطريقة التي يرتل بها القرآن أحياناً حسنة جداً ولو أن سماع الخاتمة كلها قد يُمل غير المسلمين
يدهشني شدة تمسك المسلمين بدينهم على الدوام؛ غير أنني أعجب لقلة محاولتهم دعوة الغير إلى الإسلام. وكثيراً ما عبرت عن دهشتي لتغافلهم عن نشر دينهم مخالفين أسلافهم في صدر الإسلام فكانوا يجيبوني:(أي فائدة في هداية ألف كافر؟ هل يزيد ذلك عدد المؤمنين؟ أبداً. لقد قدر الله عدد المؤمنين ولا يستطيع الإنسان أن يزيده ولا أن ينقصه). ولم أخاطر بالرد خشية أن يؤدي أعترض إلى جدال لا حد له. وقد سمعتهم يدافعون عن إهمالهم إدخال الناس في دينهم بذكر الآية السادسة والأربعين من سورة العنكبوت:(ولا تجادلوا أهل الكتاب) دون أن يذكروا العبارة التالية مباشرة: (إلا بالتي هي أحسن، إلا اللذين ظلموا منهم، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد). ولو كان المسلمون عملوا بهذه الوصية لأدى جدلهم إلى تحرير أفكارهم وتزقية معارفهم
يقدس المسلمون المحدثون الرسول غاية القداسة ويقسمون كثيراً باسمه ويلتمس شفاعته المتعلمون والجاهلون على السواء. ويتأثر الحجاج من زيارة القبر النبوي أكثر مما يتأثرون بقيامهم بالشعائر الأخرى. وهناك فئة لا تأتي عملاً لم يتقرر قيام الرسول به فيمتنعون خاصة عن أكل ما لم يأكله ولو ثبت إباحة تناوله. وما كان الإمام أحمد بن حنبل يأكل البطيخ لأنه مع علمه أن الرسول أكله لم يستطيع أن يعرف ما إذا كان يتناوله بقشره أو بدونه أو إذا كان يكسره أو ينهشه أو يقطعه، كما أنه نهى امرأة جاءت تستفهمه عن الغزل ليلاً على ضوء مشاعل الغير أثناء مرورهم في الشارع، لأن الرسول لم يذكر شرعيتها ولا يعرف عنه أنه انتفع من ضوء غيره بدون إذن. وقد أعجبتُ مرة بمنافض جميلة ينفض فيها رماد الشبُك؛ فسألت صانعها لماذا لا يسمها باسمه؟ فأجاب: معاذ الله! إن اسمي أحمد هو أحد أسماء الرسول فهل تريد أن أضعه في النار؟ وقد سمعت شكوى الناس من الباشا لأنه وسم جمال الحكومة وجيادها باسمه (محمد علي). وقال الذي ذكر لي هذا الحادث: إن الميَسم الذي نقش عليه هذان الاسمان الواجب احترامهما، اسم الرسول (ص) واسم ابن