القوة الجسمية يقال في القوة الروحية. فعاود روحك بالتمرين والتدريب في كل وقت، واحفظها من الغفلة عن إدراك دقائق الفروق بين الأشياء والمعاني، وعودها التفكير في جميع ما ترى عيناك، وما تسمع أذناك، وما يهجس به الخاطر في اليقظة أو في المنام، فالنوم كلمة سوقية وليس له مع حياة الروح وجود
إن عملت بهذه الوصفة عاماً أو عامين ظفرت حتماً بالحاسة الذوقية، وهي مفتاح الظفر بالذاتية الأدبية، فتوكل على الله وابدأ من هذا اليوم
ويجب ثانياً أن توطن النفس على الغربة الأبدية ولو كنت في دارك وبين أهلك، فالمفكرون في جميع العصور غرباء
لن يكون لك ظهير غير قلمك، ولن يكون لك نصير غير روحك، فاعرف أين تضع قدمك قبل أن تخاطر بنفسك فتصحب رجال القلم البليغ
إن صحبتنا متعبة ومضنية ومؤذية، لأن طريقنا أشواك من تحتها أشواك، وقد رحبنا بالظمأ والجوع، وبما هو أفتك من الظمأ والجوع، في سبيل الذاتية الأدبية، فانظر كيف تصنع إذا ضَعُفتَ عن السير في بداية الطريق، أو في منتصف الطريق، طريق الموت أو الخلود
أنا أرحمك فأنهاك عن الاحتراق بنار الأدب، وليتني وجدت من ينهاني قبل أن أحترق!
إن صريع الأمواج يجد من يمدّ له يد الإنقاذ والإغاثة، أما صريع النيران فلا منقذ له ولا مغيث، ونحن صرعى النيران لا الأمواج
إن اللصوص يتعاطفون فلا يشهد بعضهم على بعض، ولا يكيد أحدهم لأخيه، ولسنا لصوصاً حتى نعِدك ونمنّيك، وإنما نحن أدباء يكتب أحدنا لزميله صحيفة الاتهام، بلا تورع ولا استحياء
ارجع قبل أن تحترق، أيها الخاطب لما يسمونه الأدب الرفيع
ولو أني أملك الرجوع لرجعت، فارجع أنت قبل أن يصعب عليك الرجوع، وقبل أن تصير الاستغاثة فوق ما تطيق
كان شيخنا العظيم (عبد الحميد بن يحيى الكاتب) زودنا بنصائح تحفظ كرامة رجال الأقلام، فهل سمعنا وأطعنا؟ هيهات ثم هيهات!
لا يخدعك السراب الخداع فتتوهم أن احتراف الأدب أنفع من الاتجار بالتراب، ولا تُطِع