ونذكر من جملة العلماء في العربية الآخرين في القرن السابع عشر (إبراهام ويلوك) وهو أول أستاذ للغة العربية في جامعة كامبردج؛ و (سامويل كلارك) صاحب عجالة في القريض العربي ومفردات بعض أسماء الأماكن العربية؛ و (بريان والتون) الذي طبع الإنجيل بعدة لغات شرقية؛ و (وددلي لوفتس) وهو أحد علماء وفقهاء القانون الإرلندي. وقد لعب (جون سلدان)(١٥٨٤ - ١٦٥٤)، السياسي القانوني دوراً مهماً في الحياة الإنجليزية في ذلك العهد، وكان يعرف عدة لغات شرقية منها اللغة العربية فضلاً عن معلوماته الأخرى. وقد نقح ونشر بعض النصوص التاريخية، وترك وراءه مجموعة من المخطوطات الشرقية
ولقد كان أعظم العلماء بالعربية في ذلك الحين بلا منازع هو (ادوارد بوكرك)(١٦٠٤ - ١٦٩١) الذي كان أول من شغل منصب أستاذ اللغة العربية في جامعة أكسفورد، وأول المستشرقين الأوربيين الذين قاموا بأعمال من الدرجة الأولى حقاً؛ فقد بدأ بوكرك دراسته للغة العربية في أوائل عمره؛ وكان وليم بدويل يرعاه، كما قام (ماثياس باسور) - وهو أحد النازحين من ألمانيا بسبب الاضطهاد - بتعليمه مدة من الزمن في جامعة أكسفورد. وذهب في سنة (١٦٣٠) إلى حلب حيث قضى هناك خمس سنوات أتقن في خلالها اللغة العربية كتابة ولفظاً، واقتنى مجموعة من نفيسة من المخطوطات العربية جاء بها معه عند عودته إلى أكسفورد، وبذلك أنقذها من التلف الذي كان من المحتمل أن يحل بها، وأنشأ لنفسه صداقات مع كثير من الحلبيين وعلى رأسهم (الشيخ فتح الله) أحد العلماء الذين درس عليهم، وقد بقى صديقاً له مدى حياته.
وفي سنة ١٦٣٦ عندما عاد بوكرك إلى إنجلترا عين في المنصب الذي أنشئ حديثاً للغة العربية في أكسفورد، حيث حاضر في الأدب العربي وقواعد اللغة العربية، وبدأ فصوله تلك بمحاضرة عن أهمية اللغة العربية والأدب العربي. وشرع في سلسلة محاضرات يدرس فيها أقوال الإمام علي.
وفي سنة ١٦٣٧ زار مصر للمرة الثانية بغية الحصول على معلومات جديدة ومخطوطات جديدة، وقد عاد إلى أكسفورد في سنة ١٦٤١ وخصص أيام حياته الأخيرة للعمل المنتج في إنجلترا، وكان (جون كريفس) الرياضي قد صاحبه في رحلته الثانية.