ويخبر المقوقس عبادة بما انتهى إليه رأي أصحابه، فيقوم هذا وأصحابه. وهنا يقول المقوقس لصحبه:(أطيعوني وأجيبوا للقوم إلى خصلة واحدة من هذه الثلاث، فوالله ما لكم بهم طاقة؛ ولئن لم تجيبوا إليها طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم كارهين) فيسألونه: (وأي خصلة نجيبهم إليها؟) فيجيب: (إذن أخبركم أما دخولكم في غير دينكم فلا آمركم به، وأما قتالهم فأنا أعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تصبروا صبرهم، ولا بد من الثالثة). فيقولون:(فنكون لهم عبيداً أبداً؟). فيقول:(نعم، تكونون عبيداً مسلطين في بلادكم آمنين على أنفسكم وأموالكم وذراريكم خير لكم من أن تموتوا عن آخركم وتكونوا عبيداً تباعون وتمزقون في البلاد مستعبدين أبداً أنتم وأهلكم وذراريكم). فيقولون:(فالموت أهون علينا)
فواضح مما لخصناه عن أبي المحاسن أن المفاوضة كانت في جزيرة الروضة بين المقوقس وعبادة بن الصامت.
٢ - ويذكرها المقريزي (ص ٦٥ - ٧٠) نقلاً عن كتاب ابن عبد الحكم بما لا يخرج عما ذكره أبو المحاسن.
٣ - ويذكرها السيوطي (ص ٦٥ - ٦٩) نقلاً عن كتاب ابن عبد الحكم بما لا يخرج عما ذكره أبو المحاسن ايضاً
٤ - ويشير إليها القضاعي فيها لخصه في كتابه (الخطط من قصة فتح مصر)؛ وذلك فيما ينقله عنه السيوطي (ص٧٧) يقول القضاعي: إن العرب لما ظفروا بالحصن (حصن بابليون) لحق المقوقس وأهل القوة بالجزيرة، وتحصنوا هناك والنيل حينئذ في مده، فسأل المقوقس في الصلح، فبعث إليه عمرو بعبادة ابن الصامت، فصالحه المقوقس على القبط والروم، على أن للروم الخيار في الصلح إلى أن يوافي كتاب ملكهم، فإن رضي تم ذلك، وإن سخط انتقض ما بينه وبين الروم؛ وأما القبط، فبغير خيار. . .
فواضح أن القضاعي متفق مع من ينقل عنه أبو المحاسن، وكذلك مع ابن عبد الحكم في مكان المعاهدة وطرفيها، ولكنه مختلف عنهما في وقتها، فهو يقول: إنها كانت بعد سقوط (حصن بابليون)؛ وهم يقولون إنها كانت قبل ذلك
ولا يرد في كتاب حنا النقيوسي شيء من ذلك
والأستاذ بتار لا يجد ما يشككه في هذه الرواية، فهو يسلم بها ولا يرفضها؛ وهو ينقل إلينا