جماعة من العصافير اللطاف بَنَت أعشاشها في فجوات نقرتها نقراً بدخائل ذلك الجسر الصخاب الضجاج
كان المنظر في غاية من الروعة والجلال: على يميني بحارة يقاتلون الأمواج ليدخلوا (الهويس) قبل الوقت الذي حددته وزارة الأشغال، وعلى يساري صحابة من العصافير تقاتل لتنتصر في ميدان العواطف، فترف من هنا إلى هناك، رفيف الروح من القاهرة إلى بغداد
لن أنسى أبداً تلك العصافير بتلك الزقزقة الشعرية، ولن أنسى أنها فطنت إلى مأوى يصد عنها شر الآدميين
العصافير تأوي إلى أعشاشها قُبيل الغروب، ولا تخرُج من أعشاشها إلا بعيد الشروق، وهي تُهد هدّاً بقدوم الليل.
فما صبر عصفور على النوم ساعات طوالاً وحول أذنيه هدير يصفُر بجانبه هدير (سَدَّة الهندية) في سمع الفرات؟
هو عصفور شاعر يطيب له أن يهدأ على ضجيج الأمواج
لو بحث هذا العصفور عن مكان هادئ لوجد ملايين من القلوب الهوادئ، وبعض القلوب تهدأ فتسكن سكون الموت، فلا يأوي إليها غير البوم النعاب
في ضمائر (القناطر الخيرية) شعراء من العصافير اللطاف،
وقد يكون لهذه العصافير نظائر بقناطر أسيوط وقناطر أسوان. . .
مصر وطن الشعر والفن والجمال، وهي الغُرة اللائحة في جبين الوجود
فكاهة عراقية
وبمناسبة الملاحة النهرية أسوق فكاهة عراقية ما خطرت في بالي إلا ابتسمت. وخلاصة تلك الفكاهة أن أحد المسافرين سأل ملاَّحاً في دجلة عن أجر الركوب من بغداد إلى البصرة؛ فأجاب الملاح: عشرة دراهم مع جر الحبال، وعشرون درهماً بدون جر الحبال. ففكر المسافر قليلاُ، ثم رضي بالحال الأول مراعاة للاقتصاد!