وما أخطأ الطيف ألوانه ... ولكنه اللهب الأحمر
لهم أعينٌ تتملى الجمال ... وأفئدة بالهوى تشعر
تفَّرد فْهمُ بالخفاء ... وصيغ بفطرتهم واتسم
له بأس (مانا) وإيحاؤه ... إذا اضطربت روحه بالألم
ورقت (هاواي) في شدوها ... إذا جاش خاطرها بالنغم
هم الناس لا يعشقون الخيال ... إذا لم يكن حافزاً للطماع
هم الناس لا يعبدون الجمال ... إذ لم يكن نهزة للمتاع
هم الناس لا يألفون الحياة ... إذا لم تكن معرضاً للخداع
هذا، إلى أن المقدمة الشعرية والملحمة ذاتها تدلان دلالة واضحة على أن الشاعر قد طافت خواطره المجنحة في أحوال البشرية منذ أقدم القدم إلى حاضرها؛ وإن مخيلته الخصبة، وقلبه الفياض، قد تأثرا من عقائد راسخة في نفسه. . . نفسه المستنيرة بأدب جم وبمأثور في الإنسانية؛ وإن هذه النفس الحية، عرتها هزة الإلهام، فتبعث منها هذا الشعور الصادق المشرق الآسر:
(من المقدمة الشعرية)
إلى قمة الزمن الغابر ... سمت ربة الشعر بالشاعر
يشق الأثير صدى عابراً ... وروحاً مجنّحة الخاطر
وأوفت على عاَلم لم يكن ... غريباً على أمسها الدابر
نمت فيه بين بنات السديم ... وشّبت مع الفلك الدائر
مشاهد شتى وعتها العقول ... وغابت صُواها عن الناظر
وجود حوى الروح قبل الوجود ... وماض تمثّل في حاضر
تبدَّى لها فأنجلي شكها ... وثابت إلى وعيها الذاكر
وأصغت فمرّت على سمعها ... رواية ميلادها الغابر
على مذبح الحب من قلبها ... سراج يسِّبح مَن لألأة
وتمشى الحياة على نوره ... وما نوره غير عين امرأة