لقد قام قبيل وفاته بطبع النص الكامل لديوان البهاء زهير المصري مصحوباً بترجمة منظومة وشروح مقدمة. وفي السنة التي تلتها نشر أجرومية للغة العربية بالإنكليزية، وهي على خلاف الأجروميات السابقة قد وضعت على الطريقة التقليدية التي كان النحويون العرب يتبعونها، وحاول أن يقدم النحو العربي إلي الطلاب الإنكليز بالشكل الذي كان العرب أنفسهم يدرسونه. وقد ظهر هذا الكتاب في طبعته الثانية موسعاً في السنة التي تلت وفاته. وأهم من ذلك نوعاً ما كتابه عن حياة هارون الرشيد الذي قدم فيه (بالمر) صورة زاهية من العاصمة العباسية في عصر أشهر الخلفاء، كما أنه نشر عدة ترجمات شعرية من العربية والفارسية، وقاموساً فارسياً، وفهرساً انتقاديَّا للمخطوطات الشرقية في كامبردج، ووصفاً لرحلاته في شيه جزيرة الطور. وقد حزن لوفاته أصدقاؤه الكثيرون. والمعجبون به في جميع أنحاء العالم، وظهرت مراثٍ له فيما لا يقل عن الخمس عشرة لغة منها اللغة العربية
وهناك عالم آخر من الدرجة الأولى في الأهمية وهو (وليم رايث)، (١٨٤٠ - ١٨٨٩) وهو ابن ضابط إنكليزي في الهند، وقد ولد في ذلك القطر، وكانت أمه ضليعة في عدة لغات شرقية، فشجعته على أن يعتنق الدراسات الشرقية من باكر عمره، فدرس العربية في الجامعات الإنكليزية وفي القارة، وأشتغل مدة في ليدن على المستشرق الهولندي العظيم (راينهارت دوزي)، وكان أستاذ العربية في لندن ودبلن وكامبردج على التعاقب. وقد كتب إلى صديق له - وكان في الثانية والعشرين من عمره - انه اختط لنفسه خطة يهب فيها حياته لدراسة اللغة العربية. وكانت تلك الخطة طموحة، ولكن ما أعجب ما وصل (رايث) من المدى في تحقيقها في السنين التي تعاقبت بعد ذلك!
كان من أهم أعماله للأدب العربي عملان: أحدهما طبعته لرحلة ابن جبير، والآخر طبعة لكتاب المبرد المشهور (الكامل) واشترك مع دوزي في طبع تاريخ الأندلس للمقري. ونشر كذلك عدة نصوص عربية أخرى. ولا يزال كتابه عن النحو العربي (في مجلدين) من خيرة الكتب في هذا الموضوع، ويستعمله جميع الطلاب المتقدمين في البلاد التي تنطق الإنكليزية
وقد خلف (رايث) على كرسي اللغة العربية في كامبردج (روبر تسون سمث) (١٨٤٦ -