ثم لو فرضنا أن لها معنى غير مدون في كتب متون اللغة فليس ذلك دليلاً على أنها وردت في كلام الشاعر الأصلي، إذ البيت ظاهر الوضع وليس من كلام الأقدمين.
ثم لو فرضنا ثانياً أن لها معنى حسناً يناسب المقام هنا، فإن الفند الزماني كان من ربيعه بن نزار، والعربية الفصحى لم تنقل إلا عن قريش، وأسد، وتميم، وقيس، وكلهم من مضر، فكيف يستشهد بكلام من هو من ربيعه؟
ثم لو فرضنا ثالثاً - وهو أمر قريب من المحال - أن المجادل وجد لنا عشرة أبيات شعر ممن يستشهد بكلامهم وفيها ما يثبت دعواه، فليس ذلك بشيء، لأن شواهده ليست من القرآن، ولا من الأحاديث النبوية، ولا من كلام الفصحاء، والبلغاء، الإثبات، إذ لا يكون الكلام ممن يوثق به إلا إذا جاء منقولاً عمن أخذت عنهم العربية المضرية الفصحى.
ثم لو فرضنا رابعاً أنه أتانا بعشرة شواهد ممن يوثق بعربيتهم من قريش، وأسد، وتميم، وقيس، فعشرة شواهد غير كافية لوضع قاعدة.
ثم لو فرضنا أن العشرة شواهد التي جاءنا بها من فحول شعراء مضر ومن عشرة منهم، فإننا لا نقبل الشعر في اتخاذ القياس، لأن النظم يتحمل ضرائر لا يقبلها النثر، فنحن لا نرضى إلا بنثر رصين يذكر مثل تلك الكلمة أي الكريات البيضاء، وإلا فنصيب تلك الشواهد سلة المهملات، أو سلة المحترقات
فليتدبر حضرة مخالفي هذه الأقوال كلمة كلمة، ثم يتعرض للرد علىِّ رداً معقولاً يفهمه الناطقون بالضاد لا أبناء الشوير فقط
وقال أيضاً المعترض:(ورد في كتب النحاة كشروح ألفية ابن مالك، وفي المعاجم كالقاموس والتاج: جاءوا الجماء الغفير، أي يقال: جاء العلماء الجماء الغفير)
لله درك يا سيدي من عالم بارع ولغوي عظيم! إننا لم نجد في التأليف التي تشير إليها ما تقول. ففي أي طبعة من طبعاتها؟ وفي أي بلد من البلدان طبعت تلك المصنفات؟ وفي أي سنة من السنين نشرت؟ إنك لم تقل لنا كل ذلك. أما في الكتب التي بأيدينا فإنها لا تقول ما تدعي. وكيف يكون كلامك صحيحاً وفيه من الخطأ ما ارتعد له الملأ الأعلى، وأهل الأرضيين السفلي!
كيف يكون معنى جاءوا الجماء الغفير: جاء العلماء الجماء الغفير؟ ففي أي لغة تتكلم، وهل