النبوية، ولكنها في القرى أعم منها في الحواضر الكبيرة، ولحكمة السلف ومقام الشيخوخة فيها أثر غير قليل
ولكنك لا تقرأ مئات الأمثال عندهم ومئات الأمثال عندنا حتى تلمح الفارق بين الأمتين وان اتفقنا على بعض العادات والخطرات
فأول ما يبدهك من جملة أمثالهم أنهم أبيقوريون يحبون الترف المريح، ويألفون الدعة الفلسفية التي تسكن إليها النفس كما يسكن إليها الجسد، ويؤثرون الترشف من النعيم على الغرق فيه، ويقنعون بتجزئة السعادة إذ لا سبيل إلى السعادة الكاملة التي تدوم ولا يخشى عليها زوال
ومن أبدع أمثالهم التي تنم على هذا المزاج قولهم:(من عاش يوما خاليا عاش يوما خالدا) وقولهم: (ألف ريال لا تشتري ضحكة واحدة)؛ وقولهم:(الأمراض تدخل من الفم والمصائب تخرج منه)؛ وقولهم:(البركة قلما تقبل أزواجا، والمصائب قلما تقبل فرادى)
وقد أوردنا للروسيين مثلا يعبر عن الفوارق الاجتماعية يقولون فيه:(أن عيوننا تملأها شمس واحدة وبطوننا لا يملأها طعام واحد). وهو شاهد بارع من شواهد الطبيعية يقاربه في معدنه قول الصينيين:(الصيف للجميع والشتاء على حسب الكساء)
وأوردنا للروسيين مثلا لرشوة الحكام إذ يقولون:(من باب الطريق صد ومن باب السر ترحيب) ويشبهه عند الصينيين في موضوع الرشوة وفعل المال في قضاء الحاجات قولهم وهو مختلف بعبارته متفق بمؤداه: (عشرة ريالات تحرك أرباب الهيكل ومائة ريال تحرك السماء نفسها!)
والقوم معروفون بقدم العهد بالدماثة المدنية وحسن الحفاوة في الاستقبال، وهو ظاهر من تعويلهم في التجارة على الابتسام إذ يقولون ما فحواه:(إن الذي لا ينفرج فمه بابتسامة لا ينفرج له باب دكان) ومن استعظامهم داء الجلافة إذ يقولون: (إنها داء ليس له عند الطبيب دواء)
ومن قولهم فيما يشبه ويتصل به:(إن فتح دكان لسهل، وإنما الصعوبة أن يظل مفتوحا. . .)
ومن أمثالهم التي تدل على الطبيعة الحذر فيهم أو تدل على نصحهم بالحذر والاحتراس: