للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ذلك محمود الصنيع، فقد جاهد في حدود طاقته جهاد الرجال، ومن كان كذلك فهو جدير بكل ثناء.

التحرش بالأزهريين

والمويلحي لا يكف عن التنديد بالعقلية الأزهرية، فما تعليل هذه النزعة عند ذلك الأديب؟

يرجع السبب إلى أن انقسام المتعاملين إلى معممين ومطربشين كان في عهد المويلحي فتنة تثور بين طبقتين. . . كان المطربشون يرون أنفسهم طلائع الجيل الجديد، وكان المعممون يرون أنفسهم حماة الدين الحنيف. . . وكانت الدولة نفسها لا تسند المناصب الإدارية لغير المطربشين، بحجة أنهم أعرف بالأنظمة المدنية وأقدر على سياسة الناس. . . وهل ننسى أن منصب الوزير عرض على الشيخ محمد عبده فرفضه بأباء، لأن من عرضوا عليه ذلك المنصب دعوه إلى خلع العمامة ولبس الطربوش؟

كانت الفتنة قائمة بين هاتين الطبقتين، وكان من العسير أن توجد بينهما صلات خالية من شوائب التحاسد المستور أو المكشوف. ولتلك الفتنة عقابيل باقية إلى اليوم ولا موجب للتفصيل!

هذا هو السبب في حرص المويلحي على التنديد بالأزهريين، وهو أيضا السبب في أنه هادنهم بعد انقطاع أسباب الشقاق. ولكن كيف؟

قلت أن الطبعة الأخيرة هي الطبعة الرابعة، وأنا لم أقرأ هذا الكتاب إلا في الطبعة الثانية، وقد ظهرت منذ أكثر من ربع قرن، ومع هذا بقيت في ذاكرتي منها أشياء لم أجدها في الطبعة الأخيرة. وبرغم ضيق الوقت عن مراجعة الطبعة الأولى أو الثانية فأنا أذكر جيدا أن (عيسى بن هشام) مضى مع (الباشا) لزيارة الأزهر الشريف، وأذكر انهما سمعا الأزهريين يتحاورون ويتجادلون في بدعة إصدار الجرائد والمجلات، وانتهى الرأي إلى الأزهري يستطيع أن يكون صحفيا إن أراد، وقرأ أحدهم مقالة نشرها أحد الأزهريين، وهي مقالة افتعلها المويلحي، فقد كانت فيما أتذكر غاية في الركاكة والإسفاف، على نحو ما صنع وهو يفتعل ما يلقى في الأعراس من الخطب الرنانة والقصائد الجياد!!

فكيف استجاز المويلحي أن ينال كتابه بالتعديل فيما يتصل بحياة الأزهريين؟

كان ذلك لأنه أراد أن يقرر كتابه للمطالعة في المدارس الثانوية، وكان يعلم أن المفتشين

<<  <  ج:
ص:  >  >>