الأسرى فسأله من أنت؟ فقال من أمراء مصر. فعلم بأنه قد خسر المعركة.
معركة فاصلة دامت أربعة أيام أظهرت فن القيادة والتعبئة لدى القواد المصريين والشوام، واختتمت بالنصر الباهر الذي نفخ فيه ابن تيميه من روحه.
وقبل اختتامها حاول قطلوشاه للمرة الأخيرة أن يجازف فقذف بما بقي لديه من جنده فرساناً ومشاة. وقد ترجل الخيالة فلقيتهم المماليك السلطانية من البرجية بسور من الفولاذ مزقهم شر ممزق وحلت بهم الهزيمة فانتشروا منهزمين إلى القريتين وقد تتبعهم العامة
وتقهقر قائدهم عائداً إلى بلاده فلم يعبر الفرات إلا في شرذمة قليلة من هذا الجيش اللجب الذي عبأ لفتح مصر والشام.
وبات السلطان بالكسوة ثم دخل دمشق وقد فتحت قلبها وتلقته لقاء الأبطال بعد أن أزال الهم والغمة عنها.
وفي مكان المعركة وبغير غسل ولا كفن جمع من استشهد من أبطالها فدفنوا في موضع واحد وبنيت عليهم قبة أرجوان تكون باقية إلى اليوم.
وكان الشيخ أول من فرح قلبه لهذا النصر المبين.
- ٦ -
مرت ابتداء من سنة ٧٠٥ سنوات كفاح للشيخ من أجل المبدأ يقارع الأيام وتقارعه، وتغمره موجة من الدسائس فيخرج منها سالماً، وتعقد المجالس لامتحان عقيدته فيخرج من هذه المغامرات أحياناً إلى الحرية وحيناً إلى السجن. وطلب إلى مصر، فلما أزمع السفر ازدحم الناس لوداعه. وفي إبان سفره لم يترك فرصة تمر دون أن يقف واعظاً للناس. ولما وصل القاهرة واجتمع له العلماء واختلف معهم أدخل في أحد أبراج القلعة وبقي بها محبوساً. وكلما نجحت محاولة لإخراجه أبي إلا أن يبقى، والناس تقصده وترسل أليه المشكل من الأمور لاستفتائه فيه
- ٧ -
انتقل ابن تيميه إلى الثغر الإسكندري في صفر سنة ٨٠٩ بصحبة أمير من الأمراء فأدخل في دار السلطان وأنزل في برج فسيح منها. ووصلت أخباره إلى دمشق بعد عشرة أيام من