ثم يصير السجع نفسه فكاهة في هذا الموضع (تنحنح الشيخ وسعل، وبصق وتفل، وتسعط، ثم تمخط، واقترب منا ودنا، ثم قال لنا)
وأراد أن يصور بلاء الناس بطول الإجراءات في المحاكم فقال:
(نسأل الله أن ينقذنا مما أصابنا من حكم الدهر، وأن يعجل بانقضاء القضية قبل انقضاء العمر)
وهذه فكاهة مرة المذاق، فلعل إجراءات المحاكم المصرية أصبحت أقصر مما كانت في ذلك الزمان
المرحلة الثانية َ
وعد المويلحي في نهاية الرحلة الأولى بأنه سيقوم برحلة ثانية ليصور المجتمع في الأقطار الغربية، وقد انتظر القراء هذه الرحلة عشرين سنة، انتظروها من سنة ١٩٠٧ إلى سنة ١٩٣٧
فمتى قام المويلحي بالرحلة الثانية؟
حدثني الأديب إبراهيم المويلحي تلفونياَ أن هذه الرحلة كانت سنة ١٨٨٩، فعارضته في التاريخ، لأن معرض باريس لسنة ١٨٨٩ هو المعرض الذي أقيم فيه برج أيفل أول مرة، وفي الرحلة الثانية فقرات صريحة في أن المعرض الذي زاره المويلحي لم يكن ذلك المعرض، لأنه يتحدث عن (إيراد البرج في المعرض السابق) ولأنه يتحدث عما انتهى إليه أمر (المسيو أيفل) وقد اتهم بالسرقة والاختلاس وسجن في قضية (بناما) ولا يمكن أن يقع ذلك في سنة ١٨٨٩
وبعد يومين تفضل الأديب إبراهيم المويلحي فاخبرني انه راجع ما عنده من دقائق فعرف أن الرحلة الثانية كانت في صيف سنة ١٩٠٠ وأن أصولها أرسلت من باريس ونشرت في (مصباح الشرق) على فترات
وإذن يكون المويلحي قبر الرحلة الثانية سبعاَ وعشرين سنة، فما سبب ذلك؟
لعل السبب يرجع إلى أن المويلحي كان يستصغر محصول الرحلة الثانية، ولعل كان يرجو