للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجامعات لتشيع تلك الاستعمالات. وكل محاولة في غير هذه السبيل لن تجدي شيئاَ.

اللغة كائن حي لا يقنن له وأكبر دليل على صحة ما أقول هو أن المجمع اللغوي لم يستطيع شيئاَ في هذا الباب ولن يستطيع. وأنا أشكر الأستاذ زكريا إبراهيم إذ نبهني ونبه زملائي أساتذة الجامعة إلى وجوب ترجمة أسماء الأعلام كما ينطق بها أهلها. فهذا لا ريب مبدأ سليم ولكن على شرط أن نعرف كيف كان ينطق بها أولئك الأهل. ونحن لسوء الحظ لا نعرف ذلك دائماَ. ولقد ثار الأستاذ زكريا على أساتذة الجامعة وثار الأب الكرملي لأننا نعرف أحياناَ عن الإنجليزية والفرنسية مع أنني أستطيع أن أؤكد لهذين العالمين أننا نعرف مبادئ اللغات الأندو أوربية وبخاصة اللاتينية واليونانية، ولكننا مع ذلك نؤثر أن نترجم عن اللغات الحديثة لأننا لسنا على ثقة من نطق هاتين اللغتين، وهما لغتان ميتتان، والعلماء مختلفون في نطقهما الآن أشد الاختلاف. وأنا وإن كنت لا أستطيع أن أدخل هنا في التفاصيل إلا أنني أضرب لذلك مثلاَ باسم الخطيب الروماني الشهير فهذا الاسم ينطقه اليوم علماء الإنسانيات الإيطاليون (شيشرو) كأنه لفظ من ألفاظ اللغة الإيطالية الحديثة. والفرنسيون كذلك ينطقونه (شيشرو) والإنجليز (كيكرو) فأيها أصح؟

نعم لقد ماتت في السنين الأخيرة دعوة كان من أكبر زعمائهم العالم الفرنسي إلى محاولة النطق نطقاَ تاريخياَ أي نطقاَ يقارب النطق القديم يستنتجونه من بعض الكتابات الصوتية القديمة ومن العناصر الموسيقية في الشعر ومن نتائج علم الأصوات التاريخي وتطور نطق الحروف المختلفة كما يستعينون بآراء العالم إرزم ومحاولاته في هذه السبيل، أقول إن ذلك كله قد كان، ولكن هذه المحاولات لم تنجح. ولا يزال علماء كل بلد في أوربا ينطقون اللاتينية واليونانية كأنهما من لغاتهم. وإذن فنحن حتى في هاتين اللغتين مضطرون إلى أن نتخير نطقاَ نأخذه عن علماء أحد هذه البلاد. وذلك إلى أن يستقر النطق أسس ثابتة مقبولة من الجميع

ويزيد الأمر تعقيداَ أن مسألة تعريب الأسماء لا يمكن أن يكون وفقاَ لقرارا ت يصدرها المجمع اللغوي أو الأستاذان الكرملي وزكريا إبراهيم، وإنما الأمر أمر استعمال: استعمال كبار الكتاب الذين لهم من الشهرة ما يجعل تعريبهم يذيع بين الناس

خذ لذلك مثلاَ ما استقر عليه العرف في فرنسا منذ القرن السابع عشر تجد أن أسماء

<<  <  ج:
ص:  >  >>