الأعلام الشهيرة التي تتداولها الألسن قد أعطيت صيغة فرنسية، ولذلك يقولون فرجيل وهومير وسوفوكل واوربيد وإشهل. وأما الأسماء التي لا ترد إلا على ألسنة الخواص من العلماء فقد تركت لها صيغتها اللاتينية واليونانية، ولذلك يقولون: كورينلوس نبوس وإبيكوس وبيوس ومورسكوس ومن إليهم
وإذن فالأمر أعقد مما ظن الأستاذ زكريا إبراهيم. وأساتذة الجامعة يؤلمهم أن يبلبلوا أذهان القراء. ولكن ما الحيلة والمسائل معقدة؟ أليس من الأجدى علينا وعليكم أن تتركونا نتحسس السبل ونجاهد حتى نصل إلى تعريب سهل قريب مستساغ نرجو معه أن تنتشر الألفاظ التي نفضلها فتنحل المشاكل ويرتفع اللبس؟ ثم أليس من الخير أن نعرب عن إحدى اللغات المنتشرة في بلادنا بدلاً من التعريب عن لغات قديمة لا يعدو من يعرفها من مواطنينا الذين نكتب لهم عدد الأصابع؟
محمد مندور
سبب مجهول من أسباب اختلاف القراءات
المعروف أن أقوى سبب لاختلاف القراءات يرجع إلى اختلاف اللهجات العربية، فجاء الأذن بقراءة القرآن على الفصيح من تلك اللهجات، ولم تتعين قراءته باللغة التي نزل بها وهي لغة قريش، تيسراَ على غيرها من القبائل العربية
ولكن هناك سبباَ آخر لم يذكروه في أسباب اختلاف القراءات، مع أن من هذه القراءات ما يظهر غاية الظهور أنه راجع إليه، ولا يظهر أنه راجع إلى اختلاف اللهجات، وذلك نحو قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) ففي بعض القراءات (فتثبتوا) بدل (فتبينوا) ولاشك أن مثل هذا في القراءات وهو كثير لا يظهر إرجاعه إلى اختلاف اللهجات، وأنما يظهر إرجاعه إلى ما كانت عليه الكتابة العربية قبل اختراع النقط والشكل فيها، لأن مثل هذا يقف القارئ فيه متحيراَ، فلا بد أن يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قراءته، وقد يكون بعيداَ عنه فيتعذر رجوعه إليه، فقضت رأفة الله أن يقرأ القرآن بما يحتمله من ذلك تيسراَ على المسلمين في عصر الوحي، وثقة بملكة العربي في ذلك الوقت. ولعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يعين أمثال تلك المواضع، أو كانت ترد إليه فيقر ما