للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فما الفقر من أرض العشيرة ساقنا ... إليك ولكنا بقرباك تبجح

وكتب إلى الأمير خلف بن أحمد وهو الذي اصطفاه بأحسن مدائحه: (كتابي أطال الله بقاءك وقد كنت نذرت إلا أخاطب حضرته ثم روى لي القاضي حديثاً طرق إلى نقض ما نذرت طريقا وسمعت منشداً ينشد:

لحي الله صعلوكاً مناه وهمه ... من العيش أن يلقى لبوسا ومطمعا

فقلت أنا معنى هذا البيت، لأني قاعد في البيت، آكل طيب الطعام وألبس لين الثياب، ويفاض على نزل، ولا يفوض إلى شغل، ويملأ لي وطب، ولا يدفع بي خطب. وهذا والله عيش العجائز والزمن العاجز. . . . ولعل جرما تصور، أو رأيا تغير، أو اعتقادا أخلف، أو ظنا اختلف. فأن لم يكن شيء مما سردت وأوردت فالغلط في صدر القصة كان، وفي عجزها بان. وإن كان كذا فبالله ما أرضى، ولو صارت السماء أرضا، ولا أريد، ولو انقطع الوريد. وأني لأستحي من الله أن أرى لي المثل الأدنى، وفي القوس منزع أبا، وإن لم أكن بالعراق أمير البصرة، وببخارى زعيم الحضرة، فما أزعجني عن همذان فقر إلى جوع وعرى، ولا ساقني إلى سجستان طمع في شبع ورى، وإنما نحوم حول المراد،

ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال.

لا يكثر الأمير على من خلعه وصلاته. فوالله لو علمت أن قصارى أمدي سجستان أليها، وضياعها أقتنيها، وغلمانها أشتريها، وأموالها اتسع فيها، ولا مطمع في زيادة بعد لآثرت الزهد على الطلب.)

وكتب إلى عامل البريد: ولكنك طفقت لا تهاب سلطان العلم، فأعلمناك أن سلطان العلم لا يهابك. ولو اتصلت بالسماء أسبابك) وكتب إلى الوزير أبي نصر بن بريدة وقد قدم رجلا عليه: قدم اليوم على فلانا ولست أنكر سنه وفضله، ولا أجحد بيته وأصله، ولكن لم تجر العادة بتقدمه لا في الأيام الخالية، ولا في هذه الأيام العالية، وشديد على الإنسان ما لم يعود) إلى أن يقول: (أنا لا ألبس الشيخ الجليل على هذه الخصلة، ولا أحتمله على هذه الفعلة.

فأما أن تكون أخي بحق ... فأعرف منك غثي من سميني

وإلا فاطرحني واتخذني ... عدوا أتقيك وتتقيني

لا أعدم كريما، ولا يعدم نديما. ولي مع هذا الماء حالان لا واسطة بينهما، إن صفوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>