للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بَرزْنَ في نواحي الأيك نارٌ ... وخَلْفَ الأيك أفراخ تُزقُّ

إذا رمنَ السلامةَ من طريقٍ ... أتتْ من دونه للموتِ طُرْق

بليل للقذائفِ والمنايا ... وراء سمائه خطفٌ وصعْق

إذا عَصَف الحديد احمرَّ أُفقٌ ... على جَنَباتِهِ واسودَّ أُفق

ثم توحي إليه ملائكة الشعر أن يقول:

بني سورية اطّرحوا الأماني ... وألقوا عنكم الأحلامَ ألقُوا

فمن خِدَع السياسة أن تُغَرُّوا ... بألقاب الإمارة وهي رِقُّ

وكم صَيَدٍ بدا لك من ذليل ... كما مالتْ من المصلوب عُنْق

نصحت ونحن مختلفون داراً ... ولكن كلنا في الهمِّ شرق

ويجمعنا إذا اختلفتْ بلادٌ ... بيانٌ غيرُ مختلف ونُطْق

وقفتم بين موتٍ أو حياةٍ ... فإن رمتم نعيم الدهر فاشقُوا

ومن يسقى ويشرب بالمنايا ... إذا الأحرار لم يُسقَوا ويَسقُوا

ففي القَتْلى لأجيالٍ حياةٌ ... وفي الأسرى فدًى لهم وعتق

وللحرية الحمراء بابٌ ... بكل يَدٍ مضرَّجة يُدقُّ

هل يحتاج هذا الشعر إلى شرح؟ هيهات!

قصائد لبنانية

المذاق يختلف بعض الاختلاف أو كل الاختلاف بين قصائد شوقي السورية وقصائده اللبنانية، فهو في الشام يعاني نارين: الذكريات للأمجاد الأموية، ونار الحقد على الاستعمار الفرنسي، وقد جاهده السوريون أصدق الجهاد، وعانوا في دفعه مكاره لا تطاق

ولا كذلك حال شوقي في لبنان، فهو هنالك شاعر يصدح فوق أفنان الجمال، ولا يرى ما يسوءه من الاضطهاد، لأن الظواهر كانت تزعم أن الفرنسيين واللبنانيين على وفاق

كان لبنان لعهد زيارات شوقي وطن الشعر والجمال والأمان والرخاء. وكان اللبنانيون على فطرتهم الأصيلة من الترحيب الصادق بكل من يزور وطنهم الجميل، فأنس بهم شوقي كل الأنس، واطمأن إليهم كل الاطمئنان

أيام شوقي في سورية كانت أيام جهاد، أما أيامه في لبنان فكانت أيام شهاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>