الناطقون عن الضغينة والهوى ... الموغرو الموتى على الأحياء
من كل هدّامٍ ويبني مجدهُ ... بكرائم الأنقاض والأشلاء
ما حطّموك وإنما بك حُطّموا ... من ذا يحطّم رفرفَ الجوزاء
أنظُر فأنت كأمس شأنك باذخٌ ... في الشرق واسُمك أرفع الأسماء
بالأمس قد حلّيتني بقصيدة ... غراء تُحفَظُ كاليد البيضاء
غِيظَ الحسود لها وقمت بشكرها ... وكما علمتَ مودتي ووفائي
وهي أعظم قصيدة قالها شوقي قبيل الموت. ولعلها خير ما جاد به خاطره برفق وحنان
ألاعيب الحظوظ
مات حافظ وشوقي في موسمً واحد هو صيف سنة ١٩٣٢ فارتجت الأقطار العربية لموت شاعرين كانت إليهما قيثارة الغناء في أعوام تزيد على الثلاثين
وفي خريف تلك السنة بدا لإحدى شركات السجائر أن تخرج علبة باسم شوقي وعلبة باسم حافظ، فجعلت ثمن العلبة الأولى خمسة قروش وثمن العلبة الثانية أربعة قروش
وسعيد الدنيا سعيد الآخرة، كما يقول المصريون
توضيح
لهذا الاستطراد غاية، هي خلق جو يفسر ما كان بين شوقي وحافظ، ولهما مجال في مسابقة الأدب العربي لهذا العام السعيد. وما يليق بأديب أن يجهل ما كان بين حافظ وشوقي من مصاولات عادت على الشعر بأطيب الثمرات
النونية الآمونية
مراجعة هذه القصيدة بتأمل وتدقيق ترينا كيف قال شوقي إنها أعظم ما خطته يمناه، فقد حاور الحياة وحاور الوجود بأسلوب الأديب الفيلسوف، وزعم خياله أن الموتى لو شعروا بما في قبر ذلك الملك لنبشوه بدون استحياء ثم مضى فصور حياة ذلك الفرعون في حدود التصاوير المرسومة بجدران قبره المطموس
والتلطف مع شوقي لا ينسيني واجب النقد الأدبي، وهذا الواجب يدعوني إلى النص على أن شوقي أسرف في وصف مقبرة توت عنخ آمون، فقد ذكر لها خصائص غير حقيقية،