للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أنا أدعو الأدباء إلى التخلق بأخلاق الصوفية. . . هل تذكرون بعض مذاهب الصوفية؟

اسمعوا هذا الحديث:

انتفع الصوفية بسماحة الإسلام، وهو دين إيابي أن يكون بين المسلم وربه وسيط، فقرروا انهم ارفع من الانبياء، وهذا كفر بظاهر القول، ولكنه في الجوهر غاية الإيمان، لأن المهم أن تصح الصلة بصاحب العزة والجبروت، والإنباء عباد الله قبل أن يكونوا مرسلين وبعد أن كانوا مرسلين، وهم اشرف من أن يدعوا مشاركة الخالق في طاعة المخلوق

ومشكلة الأدباء أيهون من مشكلة الصوفية، فنحن لا ندعوهم إلى الترفع على الأنبياء، وإنما ندعوهم إلى الترفع على الناس. ندعوهم إلى أن يعرفوا أنفسهم. ندعوهم إلى أن يعرفوا نعمة الله عليهم. ندعوهم إلى التنسك في سبيل المبادئ الروحية. ندعوهم إلى إنقاذ الأدب من مزالق الرياء

فلان الذي يكتب في المجلة الفلانية عن الدين والأخلاق لا يستبيح المرور بشارع فؤاد ولا عبور جسر قصر النيل، مخافة أن يقول الناس انهم راوغه يسير هنا أو هناك

فكيف تعبدون الله يا عبيد الناس، وهل يعبد الله من يخاف الناس؟

اطرحوا هذه البراقع. اطرحوها، اطرحوها، والله المسؤول عن أقواتكم، أن ضاعت بسبب الصدق، فبينكم وبين الله عهد وثيق، عهد يقضي بأن لا تكون العزة لغير الصادقين، والله لا ينقض الميثاق

في كل ميدان فرص ينفع فيها التمرين والتدريب، إلا الأدب، فهو موهبة ربانية لا تنال بجهاد الأنفس والاموال، ولا يظفر بها الملوك، إلا إن كانوا موهوبين

تستطيع الشعوب أن تجلس على عرش الملك من تشاء، ولكنها تعجز عن خلق الأديب، لأن الأديب من إبداع المبدع الوهاب، ومن كرم الله على الإنباء أن جعلهم فصحاء. وهل فات موسى أن يسال الله تأييده بلسان هارون؟

الأدب سلطنة لا يجوز عليها الذل

والكفر بالأدب كفر بحق الله في اصطفاء من يشاء

ثم ماذا؟

ثم يبقى القول بأن إيمان الأدباء بالله ضعيف ضعيف، فما زالوا يتوهمون أن لهم حوائج مع

<<  <  ج:
ص:  >  >>