الميادين أن تسلح بأسلحة هذا الزمان، ولهذا السبب سارع الزعيم الوطني مصطفى كامل فألف كتاباً عن نهضة اليابان ليضرب لقومه الأمثال
هزيمة حافظ
كان حافظ أطال القول في شكري البؤس، فعينه الوزير حشمت باشا في وظيفة بدار الكتب المصرية، فسكت عن اغاريده الوطنية، وعند ذلك كثرت فيه الأقاويل، وجالت في غمزه الألسنة والأقلام كل مجال
ثم جاءت فرصة مشؤومة عليه، هي ظهور ثلاث قصائد في يوم واحد بجريدة الأهرام عند اعتلاء السلطان حسين كامل أريكة العرش: قصيدة أحمد شوقي وقصيدة حافظ إبراهيم وقصيدة أحمد نسيم
كانت الحرب في تلك الأيام تجتاز مسالك شوائك، فخاف حافظ وخاف نسيم عواقب المشي على الشوك. أما شوقي فهتف بقصيدة رمزية شغلت الجماهير بالتفاسير والتآويل، فعده المصريون شاعرهم الأول، وزادوا إيماناً بعبقريته حين رأوا أن تلك القصيدة قضت عليه بالخروج من البلاد
وكان في مصر جريدة أسبوعية اسمها (عكاظ)، وقد رأى صاحبها الشيخ فهيم قنديل أن يتودد إلى الجمهور بنشر ما طوى من أشعار شوقي، ولم يكن يكتفي بتسميته (أمير الشعراء) وإنما كان يسميه (شاعر الدنيا والآخرة) فحفظ سمعته الشعرية في أعوام الحرب الماضية، وعطر باسمه جميع أندية الأدبية
وفي ثورة سنة ١٩١٩ تخاذل حافظ فلم ينطق بحرف
دخلت الأزهر ذات مساء فسمعت خطيباً يعيب عليه التخاذل، فعلوت المنبر وفندت اتهامات ذلك الخطيب
وفي اليوم التالي لقيت حافظاً بمنزل محمود باشا سليمان، فقال له حفني بك محمود: هل تعرف يا حافظ بك أن الأستاذ مبارك دافع عنك في الليلة الماضية؟