للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الغرض أن يدعوني للانضمام إلى تلك الجماعة الشعرية، فاعتذرت بأن شيطاني لا يوافيني إلا في ميدان الغزل والتشبيب، ومن الصعب على أن أنظم شعراً في غير هذا الميدان، وأنا تلميذ عمر بن أبي ربيعة، ولم يكن عمر يجيد مدح الملوك

قال حافظ: أنت أحمق يا مبارك!

فقلت: علمني يا معلمي كيف أداوي هذا الحمق

قال حافظ: ستمدح فؤاداً العظيم

فقلت: أمدحه أجزل المدح بالنثر لا بالشعر، فأقول فيه أعظم مما تقول، والآفة الوحيدة هي آفة شيطاني، وهو لا يوحي إلى من الشعر غير الغزل والتشبيب، ولو كان أمري بيدي لنظمت القصائد الطوال في مدح الملك فؤاد، فهو في نظري أعظم الملوك

قال حافظ: أتكون أصدق مني؟

فقلت: إني لا أجود بغير ما أملك، وطاقتي الشعرية لا تسمح بغير ذلك الفن الذي تعرف. فهل تريد أن تفضحني بين الشعراء؟

ثم؟ ثم؟

ثم غدر المتشاعرون بحافظ فورطوه في متاعب أفسدت ما بينه وبين القصر إفساداً ليس بعده صلاح، وسأتحدث عن هذه النقطة السوداء بعد حين!

قصيدة قصر الزعفران

هي قصيدة غابت عن الأستاذ أحمد بك أمين وهو يجمع ديوان حافظ إبراهيم، وهي بشهادة حافظ نفسه أروع ما صدر عن موهبته الشعرية

فما حديث تلك القصيدة؟

في سنة ١٩٢٥ تحولت الجامعة المصرية إلى جامعة أميرية، واختير لها قصر الزعفران، وفكرت وزارة المعارف في إقامة حفلة رسمية لافتتاح الجامعة في عهدها الجديد، وكانت التقاليد أن يرجع إلى القصر قبل إعداد أية حفلة يشرفها المليك، فدعي حافظ إلى مقابلة نشأت باشا، وكلف إعداد قصيدة يلقيها في حضرة الملك فؤاد يوم الاحتفال

لن أنسى أبداً فرح شاعر النيل بذلك التكليف، ولن أنسى أنه غناني أجمل غناء في أيام لطاف لم تعد عليه بغير العذاب، كما سنرى بعد لمحات

<<  <  ج:
ص:  >  >>