للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعقول

وما هو ذوق الجمال؟ وما هو شعور المدنية الطبيعية؟ وما هي الأخلاق التي تفرض الصدق والوفاء؟ وما مبلغ سلطانها على أناس وانقطاعها عن آخرين؟

وما هو العقل؟ وكيف يتقارب ويتباعد؟ وإذا تقارب بين إنسانيين فهل يتقارب بينهما في جميع الأمور؟ وإذا تقارب بينهما في جميع الأمور فهل يتقارب في جميع الأوقات؟ وإذا تقارب حيناً بين إنسانيين ألا يجوز في ذلك الحين أن يتقارب بين إنسانيين آخرين؟

ثم ما هو الشعور نفسه إذا وصفنا الحب إجمالاً بأنه ضرب من الشعور؟ ما سلطانه على الإرادة أو ما سلطان الإرادة عليه؟ وما هي الإرادة بعد هذا وذاك؟ ولماذا تضعف في ساعة وتقوى في ساعة أخرى؟ ولماذا تكون في ساعة واحدة ضعيفة أمام أحد الناس وقوية أمام غيره!

كل أولئك حالات تقبل التنويع والتلوين والتدريج وكل أولئك تجمعه كلمة واحدة في ثلاثة حروف

فإذا حضرناه بمقدار حروفه إذن محدود يكون على حالة واحدة ولا يكون على غيرها. ويسهل أن نستغربه كلما رأيناه على غير ما تصورناه

وإذا نظرنا إلى شعابه وفروعه وألوانه ودرجاته جاز أن نراه في ألف حالة متناقضة ولا نستغربه في جميع هذه الحالات أقل استغراب.

جاز أن تسيطر عليه الغريزة النوعية، وجاز أن يسيطر عليه ذوق الجمال وفنون الجمال، وجاز أن يسيطر عليه التفاهم ورعاية الأخلاق، وجاز أن تسيطر عليه هذه البواعث مختلفات في المقادير والمظاهر والدرجات

كل أولئك جائز، وكل أولئك حب، وكل أولئك عارض من عوارض النفس الإنسانية في جميع الأعمار

ولكننا وضعنا اللغة فحبسنا تلك المردة أو تلك الأرواح أو تلك الأشباح في قمقم صغير من ثلاثة حروف خفاف على اللسان

قل (حب) فقد قلت كل شيء ولفظت بالطلسم الذي يحبس المردة في (القمقم) الصغير

ولكنك إذا جاوزت القول إلى الدخول في أعماقها والتفرقة بين شياطينها واللعب بأسرارها

<<  <  ج:
ص:  >  >>