ثارت بك والتوت عليك، وكسرت القمقم شر كسرة، فإذا هو يتطاير شعاعاً هنا وهناك ولا تجتمع منه هباءة على هباءة، ولو سلطت عليها ألف حرف وألف كلمة وألف لغة تضيق بها المعجميات
فما هو الحب الذي تستغربه ولا ترى أنه يكون في إبان الشباب؟ وما هو الحب الذي تستغربه ولا ترى أنه يكون بعد الشباب؟
هو على كل حال كلمة واحدة ولكنه ليس بشيء واحد.
وعليك قبل استغرابه أن تميزه في جميع حالاته، فإذا ميزته فقد عددته وفرقته وجاز - بل وجب - أن تراه في جملة حالات ولا تقصره على حالة واحدة تستغربه فيما عداها
من فضائل اللغة أنها قيدت المردة في القماقم، ومن جناياتها أنها قليلة القماقم فوضعت في قمقم واحد ما من حقه أن يوضع في ألوف!! وعلينا نحن أن نحترس من جناياتها بحساب، ونستفيد من فضائلها بحساب
ونلحق بما تقدم استدراكاً قرأناه في العدد الأخير من الرسالة جاء فيه تعقيباً على مقالنا في التلباثي:
(لو كان المقاتلون قد سمعوا صوت عمر وهم مئات، ولو كان ذلك قد تم بواسطة التلباثي لاقتضى الأمر أن يكونوا كلهم موهوبين أو وسطاء، وهو ما لا يعقل. . .)
ثم جاء فيه:(كل مقال الأستاذ العقاد منصب على إثبات وجود التلباثي بأدلة منطقية قياسية، وقد فرغ العلماء من إثباته منذ ٨٥ سنة، وتدرس هذه العلوم كدراسات عليا في جامعات إنجلترا الكبرى. ومحاولة الأستاذ إثباتها كمن يحاول إثبات وجود أشعة إكس بالاستنتاج الخ)
أما أن مقالي منصب على إثبات وجود التلباثي فغير صحيح، لأنني لم أتجاوز تخطئة الذين يجزمون بنفيه. وقلت:(يجوز أن يأتي غداً من يثبت - هذه الملكة - ثبوتاً قاطعاً لا شك فيه، ويجوز أن يأتي غداً من ينفيها نفياً قاطعاً لا شك فيه).
وأما أن وجود التلباثي ثابت كوجود أشعة إكس فذلك قول يدعيه المدعي وعليه إثباته. وقد نقنع منه بتقرير ثلاثة من المشتغلين بالعلم عندنا يؤيدونه فيما قال. وأول ما يقتضيه هذا الرأي أنه يبطل القول بالملكة النفسية ويجعلها خاصة من الخواص التي تتكرر في كل