الحول وجاءت تحية العام الجديد كانت الفرس ظفرت بالدستور، وكان على الشاعر أن يقول:
أولَى الأعاجم منَةً مذكورةً ... وأعاد للأتراك ذاك الرونقا
وتغيرتْ فيه الخطوب بفارسٍ ... حتى رأيت الشاه يخشى البيدقا
ثم يلتفت الشاعر فيرى مصر لم تظفر بشيء، لا بالدستور ولا بالاستقلال، وفي ذلك العام نُفِّذ قانون المطبوعات فقَصَّتْ أجنحة الجرائد المصرية، وجاز للشاعر أن يقول:
فتقيدت فيه الصحافة عنوةً ... ومشى الهوى بين الرعية مطلقا
كانت تواسينا على آلامنا ... صُحُفٌ إذا نزل البلاء وأطبقا
كانت لنا يوم الشدائد أسهماً ... نرمي بها سوابقاً يوم اللقا
كانت صِماماً للنفوس إذا غلت ... فيها الهموم وأوشكت أن تزهقا
كم نفّستْ عن صدر حرٍَّ واجدٍ ... لولا الصمام من الأذى لتمزّقا
مالي أنوح على الصحافة جازعاً ... ماذا ألمّ بها وماذا أحدقا
قصّوا حواشيها وظنوا أنهم ... أمِنوا صواعقها فكانت اصعقا
ثم يتكلم عما وقع في ذلك العام من محاولة تجيد امتياز قناة السويس، وهي محاولة أثارت الجمهور المصري في سنة ١٩١٠، ثم يوجه القول إلى الشبان:
لا تيأسوا أن تستردّوا مجدكم ... فلربّ مغلوبٍ هوَى ثم ارتقى
مدْت له الآمال من أفلاكها ... خيط الرجاء إلى العُلا فتسلقا
فتجشَّموا للمجد كل عظيمة ... إني رأيت المجد صعب المرتقَى
من رام وصل الشمس حاك خيوطها ... سبباً إلى آماله وتعلقا
عارٌ على ابن النيل سّباق الورى ... مهما تقلب دهره أن يُسبَقا
أوَ كلما قالوا تجمّع شملهم ... لعب الشقاق بجمعنا فتفرقا
إلى آخر ما قال من هذا النصح الثمين.
الشعر السياسي قبل الاستقلال
سياسيات حافظ وقعت في عهد الاحتلال، السياسيات التي جعلته شاعر النيل، أما سياسياته بعد إعلان الاستقلال فهي مشوبة بالضعف، لأنه كان تعب من النضال، ولأنه كان استراح