ونقلوا لورد كرومر إلى حيث لا يريد. وسيقول التاريخ إن صوت قَرَع سمع الاحتلال هو صوت المنوفية روضة البحرَيْن وزينة الوجود.
الشاعر المظلوم
هو حافظ إبراهيم الذي نحاكمه ظالمين، الشاعر الذي صرخَ فقال:
إلى من نشتكي عنَت الليالي ... إلى (العباس) أم (عبد الحميد)
ودون حماها قامت رجالٌ ... تهددنا بأصناف الوعيد
وكان هذا الأتهام ينشر بطريقة علنية في الجرائد المصرية، فكان شاهداً على خمود حاسة العدل هنا وهناك
ومما يُشرِّف الجيل الحديث أن نصرّح بأنه استطاع في عهد الشدة ما لم يستطع أسلافه في عهد الرخاء، فمصر التي كانت تقاوم الاحتلال وهي مؤيدة بالدولة العلية، لم تكن أقوى من مصر التي تقاوم جميع المكاره وهي مؤيدة بقوتها الذاتية
بقية القول
سياسيات حافظ ليس فيها كذبٌ ولا رياء، فقد عرفتُ من مسالك حافظ أنه لم يكن ينشر قصيداً إلا بعد أن يعرضه على جميع من يصادف من رجال السياسة والبيان، فشعره صورة صحيحة لزمانه، وهو زمان جمع بين الغرائب في الإفهام والأذواق، وكذلك تكون الأزمان التي تُعدُّ الأمم للنهوض والتحليق
مداراة حافظ للاحتلال لون من السياسية الوقتية، أما ضمير حافظ فهو ضمير الوطني الصادق، ضمير الشاعر الذي يدرك في سريره وطنه ما يدرك سائر الناس. أليس هو الذي أنبأنا أن مصر قالت:
وقف الخلقُ ينظرون جميعاً ... كيف أبني قواعد المجد وحدي
وبناة الأهرام في سالف الده ... ر كفوني الكلام عند التحدي
أنا تاج العلاء في مفرق الشر ... ق ودرَّاته فرائد عقدي
أي شيء في الغرب قد بَهَر النا ... س جمالاً ولم يكنْ من عندي