للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

معهد الصحافة، ولن أمحو ما أثبت، لأني لا أريد التسجيل، وإنما أريد الإيحاء

ولم يبق إلا أن يتفضل أخي الأستاذ الزيات فينشر خطبتي بالحرف، مع الرجاء في أن يتذكر أني لم أثن على الجامعة المصرية بغير الحق، رفع الله دعائمها إلى الأبد، وجعلها منارة باقية إلى آخر الزمان.

أيها السادة

حين دُعيت للمناظرة في هذا الموضوع الطريف قلت لنفسي: إن لجنة المناظرات بكلية الآداب هبط عليها الوحي من حيث لا تحتسب ولا تعرف، فإن هذا الوقت هو أنسب الأوقات لوزن أعمال جامعة فؤاد الأول. ألم تسمعوا بأن الاحتفال الرسمي بافتتاح جامعة فاروق الأول سيكون في الأسبوع المقبل؟

إن في ذلك لفرصة لوزن ما لجامعة القاهرة وما عليها بالعدل والقسطاس، وهو أيضاً توجيه لجامعة الإسكندرية، فما أظنها تكره أن نمدَّ إليها يد الرفق، لنعاونها على مصارعة الأمواج، وهي في بلد الأثباج

وكان المنتظر أن أكون في الصف الذي ينكر أن تكون الجامعة قد أدت رسالتها، ولكن لجنة المناظرات رأت أن قوتي في الهجوم، فبخلت بإعطائي فرصة جديدة أرفع فيها العَلَم لقلمي وبياني، في المكن الذي صاولت فيه كبار الرجال، بغير تهيب لعواقب الصيال

أو لعلها أرادت أن أشهد علانية بتمجيد الجامعة بعد أن حاربت من حاربت من رجالها الأبطال. إن كان ذلك ما أرادت فلن تنال ما تريد، لأن من رسالة الجامعة أن تروض أبناءها على الخلاف، ونحن نختلف أقل مما يجب، ويا وليلنا إذا لم نختلف!

فلا تحسبوني أغمدت القلم الذي أعددته لمصاولة زملائي، ولا تتوهموا أني سأعفي الجامعة من النقد الصريح، يوم أراها تقع فيما يوجب الانتقاد، فأنا أومن بأن الحرب حياة وبأن الصلح موت، وأنا الذي قال حين تنادي رجال الأقلام إلى الوفاق:

دعوتم إلى وأد الخلاف فحاذروا ... عواقبِ حلفٍ خير آثاره الختل

دُعوا الصلح للأموات فهو غذاؤهم ... هنيئاً لهم ذاك المكان الذي حلُّوا

ألاَ هل سمعتم أن قبراً تحركتْ ... حجارته فانزاح من فوق الثِّقْلُ

يجوز لقومٍ غيرنا أن يؤلفوا ... عصائب يحميها من النكثة الفتل

<<  <  ج:
ص:  >  >>