للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ونحن رجالٌ سرُّنا في خلافنا ... وقوّتنا العليا هي الفتك والصول

تآخي الظباء الرُّود رمزٌ لضعفها ... وهل تعرف الآساد ما الجمع والشمل

أيها السادة:

أتذكرون المناظرة التي اشتركت فيها بهذا المكان منذ سنتين أو ثلاث؟

لقد جئت وبيميني صحائف مكتوبة، لآمن التزيد الذي يستبيحه بعض المتناظرين، رغبة في كسب الأصوات، أو طمعاً في التغلب على مفكر لا يعتزّ بغير العقل والبيان

وقد رأيت أن ألقاكم بصحائف مكتوبة، مع أن مقامي هذا لا يحتاج إلى احتراس، بعد أن أعفتني لجنة المناظرات من النضال حين خصّتني بالجانب الأقوى في مناظرة هذا المساء، فاعرفوا أني قيدت كلامي، لأني سألقيه في أحد مدرجات الجامعة، والجامعة لا ترضى لأبنائها أن يتركوا الأوابد بلا قيود

ولكن كيف أخاف الإسراف في إبراز محامد الجامعة، وليس في الخير إسراف؟

الجامعة هي كل ما غنمنا من جهاد العوام التي أربت على الستين في مقاومة الاحتلال

الجامعة هي صوت مصر في الشرق، وقد اختارت الضفة الغربية من النيل رمزاً لما تسموا إليه من نقل عقل الغرب إلى روح الشرق

إن الجانب الذي سأتحدث عنه هو الجانب الأقوى، ولكنه مزعج، لأنه سيقهرني على مواجهة مشكلة من أصعب المشكلات، وهي توضيح الواضحات، وهل ينكر أحدٌ أن الجامعة أدت رسالتها قبل أن يولد بعض مناظريّ في هذا المساء؟

لم تكن للجامعة رسالة واحدة، وإنما كانت لها رسالات، وإليكم يساق الحديث:

كانت رسالتها الأولى أن تختبر العزائم والقلوب، لتعرف استعداد الأمة للتحليق في الجِواء العالية، يوم كان جماعة من خلق الله يقولون: إن السياسة الحكيمة للتعليم هي إعداد موظفين مصقولين. ونحن نعرف المواد من ذلك الصقل، فقد كان الغرض أن يكون عندنا موظفون لا يقولون (لا) ولو في التشهد!!

وقد كان المظنون أن تخفق الجامعة في تأدية تلك الرسالة، فقد كان الأمر يومئذ إلى حكومة مصقولة، حكومة تستهدي الاحتلال في حل بعض المعضلات، وكان الاحتلال يرى أن مصر تحتاج إلى كتاتيب لا إلى جامعات

<<  <  ج:
ص:  >  >>