للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الزمان، وقد انتصرنا على الحكومة، وعلى الزمان

تلك الرسالة الثانية، فما الرسالة الثالثة؟

كان للجامعة وحيٌ يغزو القلوب والعقول، وقد تسامَى إلى غرض أعجب وأعرب، وهو إنطاق الصخر الجلمود، فقد أقنع الحكومة بأنْ لابد من إنشاء جامعة في الوطن الذي سبق جميع الأوطان إلى إنشاء الجامعات، فتألفت لجنة حكومية عقدت في أربع سنين جلسات تفوق الثمانين، لتقول في النهاية بتسمية المدارس العالية كليات، وبعض أنصار الحكومة في ذلك العهد كانوا يعرفون الأسماء ويجهلون المسميات

وحي الجامعة كان الوحي الصادق، فقد انسحبت الحكومة من الميدان بعد اليأس، وبقيت الجامعة تصنع بأحلام الشباب وقلوبهم وعقولهم ما تريد

في تلكم الأيام كان أبناء الجامعة يقتحمون الميادين العلمية والأدبية، وكانوا يقيمون البراهين الصوادق على أن فكرة الجامعة لن تموت، ولو قامت في طريقها ملايين العقبات

تلك الرسالة الثالثة

أيها السادة:

قبل أن أواجه العهد الثاني من عهود الجامعة المصرية، العهد الذي ابتدأ في سنة ١٩٢٥، وهو العهد الأرحب والأخصب، أرى من الواجب أن أجمل القول في العهد الأول، بصورة تشعركم بقيمة الرسالات التي أدتها في ذلك العهد

كان للجامعة مبعوثون إلى الجامعات الأوربية من أمثال منصور فهمي، ومحمود عزمي، وصادق جوهر، وأحمد ضيف. ولا ينكر أحدٌ أن مبعوثي الجامعة كانوا أقوى من مبعوثي الحكومة. وكانوا أقدر على النضال في الميادين العلمية والأدبية والاجتماعية، وأنا في هذا المقام أضرب الأمثال، ولا أحاول الاستقصاء

وكان للجامعة في ذلك العهد أبناء تثقفهم في دارها من أمثال: طه حسين وكمال حلمي وفريد رفاعي وتوفيق المرعشلي وأحمد البيلي وحسن إبراهيم وعبد الوهاب عزام ومحمد إبراهيم الجزيري، فماذا صنع هؤلاء؟

لن أتحدث هن جهودهم بالتفصيل، فأنتم تعرفون من جهودهم أكثر مما أعرف، ويكفي أن أؤيد رأيي بشاهد واحد لكم بعض ما صنعت الجامعة في ذلك الحين

<<  <  ج:
ص:  >  >>