فاروق الأول بالإسكندرية، وهي الجامعة التي افتتحت في بدء هذا العام الدراسي، فتعود إلى الأذهان ذكرى جامعة الإسكندرية القديمة التي ظلت تحمل لواء العلم في العالم المتمدن إذ ذاك قرنين من الزمان. وبمناسبة زيارة المليك للجامعة الحديثة نعجب أن نتحدث عن تاريخ الجامعة القديمة
أنشأ هذه الجامعة بطليموس سوتر في حي البروكيون بجوار القصر الملكي على نسق مدارس الفلاسفة الأثينيين، وكانت الغاية من إنشائها أن تجذب إليها النابهين من العلماء والمفكرين والشعراء والأدباء، وكان الطلاب المقيدون بها معفين من المصروفات بل نتفق الجامعة عليهم
ولم تلبث الإسكندرية وجامعتها أن جذبتا العلماء النابهين والأدباء وكبار الشعراء حتى أن الإسكندرية غدت في القرن الثالث قبل الميلاد أكبر مركز علمي في العلم وخاصة في الطب والجغرافيا والرياضة والفلك والأدب - وقد كانت الجامعة مؤلفة من عدة مدارس: مدرسة للطب والتشريح والجراحة، ومدرسة الرياضيات والفلك، ومدرسة القانون والفلسفة، وكان يتصل ببنائها بستان كبير وحديقة لعلم النبات ومرصد ومن هذا نرى أنها كانت جامعة من أكبر الجامعات
وبجوار الجامعة أنشئت المكتبة التي كانت أكبر مكتبة عرفها العالم القديم. بدأ في إنشائها بطليموس سوتر (٣٠٥ - ٢٨٣ ق م)، ولكن لم يتم تجهيزها ويكمل نظامها إلا على يد خلفه بطليموس فيلادلفوس (٢٨٣ - ٢٤٥ ق م) وقد كانت تحوي المكتبة أجمل مؤلفات العالم القديمة من مصرية إلى عبرية ويونانية؛ ويغلو كثير من الكتاب في تقدير عدد الكتب التي كانت غلواً يصعب على العقل تصديقه، ولكن هذه المبالغة إن دلت على شيء فإنما تدل على الكثرة، ويقدر بعض المؤرخين عدد الكتب بـ ٤٩٠ ألف كتاب وهو رقم يصعب تصديقه مما دعا بعض المؤرخين إلى أن يفترضوا أن المكتبة لم تكن مرجعاً للعلماء والباحثين فحسب، ولكنها كانت مكاناً لنسخ الكتب وبيعها. هذا وجدير بنا أن نذكر أن هذه الكتب القيمة كانت طعاماً للنيران أثناء النزاع الذي أودي بالدولة البطلمية وجعل مصر جزءاً من الإمبراطورية الرومانية.
وقد كان من أكبر علماء الإسكندرية الفلكي العظيم إراتستين الذي كان نابغة زمانه في