وفي هذا المقام تلوح الفرصة للكلام عن الدكتور السنهوري فقد نهض بعبء في تلقيح القوانين الوضعية بالشريعة الإسلامية، وهو جامعي قديم، لأنه كان من طلبة قسم الحقوق بالجامعة المصرية في عهدها الأول، ولأنه كان عميد كلية الحقوق بالجامعة المصرية في عهدها الجديد. ولو أن الدكتور السنهوري أعفى نفسه من السياسة وتقلبات السياسة لأدى لوطنه خدمات اعظم وانفع، فقد دعي لوضع القانون المدني العراقي، ولكن منصب وكيل وزارة المعارف أغراه بالاعتذار، مع أنني ألححت عليه في أن يترك ذلك المنصب الخداع ليؤدي لسمعة مصر العلمية خدمة مأثورة في العراق الشقيق
ويضاف إلى هذين الغرضين غرض ثالث: هو الرغبة الشريفة في معاونة الأمم العربية على التعمق في الدراسات القانونية، ولن ننسى فضل العراق في إظهار ثقته النبيلة بكلية الحقوق المصرية، فقد رأى أن يستأنس بها في تقوية كلية
الحقوق العراقية. وهذه الالتفاته من جانب العراق تقوى ثقتنا بالكلية المصرية، وتدعونا إلى تأييدها بجميع ما نملك من
فنون التأييد.
هل أحتاج إلى القول بأن كلية الحقوق غير مدرسة الحقوق؟
لقد نشأت فيها أقسام جديدة بعد الليسانس، نشأت فيها دراسات لم تكن معروفة قبل عهد الأنظمة الجامعية، وبهذا استطاعت أن تقدم ألوانا جديدة من فقه التشريع، وما أحب أن أزيد
وهنالك كلية مجهولة هي كلية الزراعة، فهل تظنونها صورة من مدرسة الزراعة؟
ابحثوا تعرفوا أن كلية الزراعة أمدت أبناءها بأفكار وآراء لم تعرفها مدرسة الزراعة، فقد حاولوا وسيحاولون الاستيلاء على الأراضي التي لم تجد من يحسن استغلالها على الوجه الصحيح، وقد كان من أثار جهودهم في تنمية الثروة الزراعية أن أعلن أصحاب البساتين شكواهم من رخص الفواكه قبل أن تغليها أعوام الحرب
أما كلية التجارة فمكانها معروف، فقد استطاع أبناؤها أن يكونوا السناد المتين لبنك مصر وشركاته المتنوعات، وأنتم تعرفون أن بنك مصر توجيه جديد لأكثر أمم الشرق، فهو أول بنك نزه تحريراته وحساباته عن اللغات الأجنبية، واعتمد كل الاعتماد على اللغة العربية