بقى القول في كلية الآداب، وكلية الآداب لها الصدارة في جميع الجامعات، ومن أجل هذا كانت كلياتنا الغالية على يمين من يدخل حرم الجامعة المصرية
ومع ذلك فكلية الآداب هي صاحبة الحظ الأوفر من الشقاء في جميع الجامعات، لأنها تعالج أمورا دقيقة لا تفطن أليها الجماهير إلا بعد زمن أو أزمان
ألوان المعايش تحتاج في كل يوم إلى مهندس والتاجر والزارع والمحامي والطبيب، وهي تستغني بكل سهولة عن الأديب والمؤرخ والفيلسوف، وهل يحتاج الناس إلى الأدب كما يحتاجون إلى الرغيف
ورقة مرقومة من كلية الطب تمنح حاملها العيش الرغيد، وكذلك يقال في الأوراق التي تمنحها سائر الكليات
أما نحن فلا يعرفنا الجمهور ولا تعرفنا الدولة إلا بعد أن نبالغ في أقذاء العيون تحت أضواء المصابيح
ولهذا أرجوكم السماح بعرض بعض الخدمات التي أدتها كلية الآداب إلى الوطن الحافظ للجميل!!
كلية الآداب هي الكلية المظلومة، وسيلاحقها الظلم إلى أن تستطيع إقناع الأمة بأن الأدب مقدم على الرغيف، فهل تستطيع أقلامنا أن تروض الأمة على الإيمان بأن زاد العقول مقدم على زاد البطون؟
إن جهادنا سيطول ويطول، إلى أن تذكر مصر أنها الأمة التي سبقت جميع الأمم إلى وضع تمثال للكاتب المفكر قبل ألوف السنين
سنرى كيف تستطيع كلية الآداب أن تقنع الأمة بأنها أنفع من كلية الطب، وسنرى كيف يمكن إقناع الأمة بأن احتياجها إلى الأديب أشد من احتياجها من الطبيب. . . يوم ذاك يصح القول بأن الجامعة أدت رسالتها خير أداء
وإلى أن يجيء ذلك اليوم أذكر بإيجاز بعض ما صنعت كلية الآداب، فماذا صنعت كلية الآداب؟
وهل تستطيعون أن تتناسوا جهود الأساتذة والخريجين بكلية الآداب؟