ومثل ما ذكر يقال في الرهبة و (الرهبانية)، والفروسة و (الفروسية)، والألوهة و (والألوهية)، والربوبة و (الربوبية)، والجاهل و (الجاهلية) والخنزوان (الكبر)(والخنزوانية) والأريح و (الأريحية)(الارتياح للندى). وكلها مصادر مسموعة عن العرب.
أما أن علماء اللغة لم يذكروا فارقاً بين الرجولة مثلاً فلأنهم إنما يعنون ببيان المعاني الوضعية للألفاظ، وأما المعاني اللازمية فلم يتصدوا لذكرها، لأنها وظيفة علماء المعقول، كالمناطقة والحكماء.
ثم إن تحميل المصادر الصناعية العربية للمعاني التي ذكرناها جاء قبل زيادة العرب الياء المشدودة، التي هي في الأصل للنسبة، ثم تنوسيت النسبة وأريد من اللفظ المعنى المصدري مع لوازمه، وألحقوا به التاء رعاية لأنه في الأصل صفة لموصوف مؤنث كالحال مثلاً
وكان هذا النوع من المصادر يسمى عند قدماء النحاة (بالنظائر) وهي ما جرى على وجه النسب، قاله ابن سيدة في المخصص
ونظراً لقلتها في اللغة، إبان العصر الجاهلي وصدر الإسلام، ولوجود ياء النسبة فيها لم يلحقها الأقدمون بالمصادر العامة، بل سموها باسم خاص. لكن تلك التسمية لم تشهر بين العلماء إذ ذاك فسماها بعضهم (بالمصادر الصناعية)، وذاعت هذه التسمية إلى عصرنا هذا. وقد أولع المحدثون وبخاصة علماء المنطق بصوغ هذه المصادر من أسماء الأعيان وغيرها، فقالوا: الحيوانية والإنسانية والناطقية والجسمية والحجرية، والإسمية والحرفية، والفاعلية والمفعولية والعلمية؛ وقالوا: الكيفية والكمية والماهية
فالمصدر الصناعي بمعنى المصنوع على وزان ما صنعه العرب من هذا النوع، فهو كقولهم: المصدر القياسي بمعنى المقيس، والمصدر السماعي بمعنى المسموع. وهي تسمية اصطلاحية حديثة وإن كان جنس مسماها عربياً قديماً. هذا وإن شئت إيضاح أكثر، أن تراجع الكلمة القيمة التي كتبها المغفور له الأستاذ الشيخ (أحمد الأسكندري) في مجلة (مجمع اللغة العربية الملكي)(ص ٢١١ - ٢١٥ ج ١): احتجاجاً لقرار المجمع قياسية المصدر الصناعي، ففيها الغني لمن طلب المزيد، والله الهادي إلى سواء السبيل